كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة

106…
كالسلام بمعنى التسليم، والمراد من أهل البلاغ، اي المبلغين فحذف المضاف، ويروى: (من البلاغ) بالتشديد بمعنى المبلغين كالحداث بمعنى المحدثين)).
وما قاله ابن قتيبة رحمه الله فيه نظر، بل هو خطأ نشأ عن تصحيف يبينه ما تقدم من حديث ابن أبي حازم عن حرام: (كل دافعة دفعت علينا من هذه الشعاب)، وفي اللفظ الآخر: (من التلاع).
وحديث معمر عن حرام: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم كل دافعة أقبلت على المدينة) فقوله في الطريق الأول: (من الشعاب)، وفي اللفظ الآخر (من التلاع)، وقوله في الطريق الثاني: (حرم كل دافعة) يرد تفسير ابن قتيبة رحمه الله، والصواب أن لفظ الحديث: (كل دافعة دفعت علينا من التلاع فقد حرمتها) (1) فتصحفت (دافعة) إلى (رافعة)، و (دفعت) إلى (رفعت)، و (التلاع) إلى (البلاغ) والحديث مداره على حرام بن عثمان وهو متروك (2) فهو ضعيف جداً بهذا الإسناد.
36 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بريداً (3) من نواحيها).
رواه البزار من طريق يعلى بن عبيد عن الفضل بن مبشر أبي بكر المدني عن جابر به، ثم قال البزار: ((لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، والفضل بن مبشر روى عنه يعلى ومروان بن معاوية، وزياد بن عبد الله، وهو صالح الحديث)) (4).
__________
= في الفائق: (71/ 2)، ومجد الدين ابن الأثير في النهاية: (243/ 2)، ومحمد بن أبي بكر الرازي في مختار الصحاح: (ص: 250)، وابن منظور في لسان العرب: (130/ 8 - 131)، ومحمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس: (109/ 21) وغيرهم.
(1) وقد ذكر السمهودي هذا الحديث في ((وفاء الوفاء)) (98/ 1) ضمن الأحاديث التي تقتضي زيادة حرم المدينة على ما بين عير وثور.
(2) المغني في الضعفاء للذهبي: (152/ 1).
(3) البريد: هو المسافة بين منزلتين من منازل الطريق، وتساوي اثنيعشر ميلا. انظر: عن أصل التسمية وخلاف العلماء في تقديره: ((النهاية)) لابن الأثير: (115/ 1 - 116). و ((تقدير المسافات عند المسلمين)) لأحمد بك الحسيني.
(4) كشف الأستار عن زوائد للهيثمي: (54/ 2 رقم: 1190) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: (302/ 3)،وقال: ((رواه البزار وفيه الفضل بن مبشر وثقة ابن حبان وضعفه جماعة)).

الصفحة 106