كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة
122…
محمد بن سلمة الحراني عن محمد بن إسحاق بهذا السند، وبقيته - بعد قوله: فلقيت أبا بكرة - فقال اشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل قرية يدخلها فزع الدجال إلا المدينة يأتيها ليدخلها فيجد على بابها ملكاً مصلتا (1) بالسيف، فيرده عنها).
وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن صالح بن إبراهيم إلا محمد بن إسحاق.
وصالح المذكور ثقة مقل أخرجا له في الصحيحين حديثا ًآخر غير هذا، وقوله - يعني البخاري - ((بهذا)) يريد أصل الحديث، والا فبين لفظ صالح بن إبراهيم وسعد بن إبراهيم مغايرات تظهر من سياقهما)) (2).
وفي إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث، لكنه يتقوى بالطريق الأولى، وإنما احتاج البخاري إلى الاشارة اليه لتصريح إبراهيم بن عبد الرحمن بالسماع من أبي بكرة (3).
وللحديث طريق آخر عن أبي بكرة رضيالله عنه، قال: ((أكثر الناس في شأن مسيلمة الكذاب (4) قبل أن يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله تبارك وتعالى بما هو أهله، ثم قال: (أما بعد: فإن شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم في شأنه، فإنه كذاب من ثلاثين كذاباً يخرجون قبل الدجالوإنه ليس بلد الا يدخله رعب المسيح الا المدينة، على كل نقب من نقابها يومئذ ملكان يذبان عنها رعب المسيح).
__________
(1) مصلتا: أي مجردا سيفه من غمده. انظر: النهاية لابن الاثير: (45/ 3).
(2) فتح الباري: (95/ 13) بتصرف. والحديث في المعجم الأوسط (47/ 2 رقم: 1078) وفيه: ((لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم إلا محمد بن إسحاق)) والصواب: ((عن صالح بن إبراهيم)) كما في الفتح، والحديث رواه ابن حجر في تغليق التعليق (284/ 5) بسنده إلى الطبراني به.
(3) انظر فتح اباري: (95/ 13) وتعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر (ص: 132).
(4) مسيلمة بن ثمامة الحنفي اليمامي، ادعى النبوة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استفحل أمره، وكثر أتباعه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه أبو بكر رضي الله عنه الجيوش فقتل هو وعدد كبر من أتباعه. انظر: البداية والنهاية لابن كثير: (57/ 5 - 60، 364/ 6 - 368).