كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة

142…
ويحتمل ان يكون هو نافع بن أبي نافع مولى أبي أحمد راوي حديث ((لا سبق الا في خف أو خافز)) عن أبي هريرة، وعنه ابن أبي ذئب (1) وغيره. فقد تقدم قول البخاري: إن مولى حمنة روى هذا الحديث أيضاً عن أبي هريرة: وقال ابن حبان - في ترجمة مولى أبي أحمد-: ((وقد قيل مولى حمنة بنت شجاع)) (2) وقد وثق ابن معين مولى أبي أحمد (3).
وقال ابن كثير: ((هذا حديث غريب جداً)) (4).
ومما يستغرب فيه قوله: (يا تميم حدث الناس ما حدثتني)) فإن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم كما في حديث فاطمة بنت قيس عند مسلم وغيره - أنه سمعه من تميم ثم خرج صلى الله عليه وسلم فحدث الناس به.
قالت فاطمة في آخر الحديث: ((فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا رواه مسلم من حديث عبد الله بن بريدة عن الشعبي عن فاطمة، ثم رواه مسلم أيضاً من طريق غيلان بن جرير عن الشعبي عن فاطمة قالت: ((قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم تميم الداري فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ركب البحر ... )) فذكر الحديث مختصراً وفي آخره: ((فأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس، فحدثهم، قال: هذه طيبة، وذاك الدجال)) (5).
وهذه العبارة قد يفهم منها أن الذي حدث الناس إنما هو تميم الداري، وليس كذلك، فإن الضمير في قوله (فحدثهم) يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتدل على ذلك رواية البيهقي لهذا الحديث من طريق غيلان وفيه: ((فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدث الناس، وقال: هذه طيبة، وذاك الدجال)) (6).
ويمكن أن يجمع بين هذه الروايات بأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فحدث الناس - كما في رواية فاطمة بنت قيس - ثم أذن لتميم أن يحدث الناس فحدثهم. وقد قال بهذا الجمع الحافظ ابن حجر في ((الأسئلة الفائقة بالأجوبة اللائقة)) (7).
وخلاصة القول: أن حديث أبي هريرة هذا حسن بمجموع طرقه السابقة.
__________
(1) رواه أبو داود (63/ 3 رقم: 2574)، وغيره. انظر: إرواء الغليل للألباني: (333/ 5)
(2) الثقات: (468/ 5)
(3) انظر: تهذيب التهذيب: (410/ 10 - 411).
(4) الفتن والملاحم: (72/ 1)
(5) تقدم حديث فاطمة بنت قيس، برقم (46).
(6) البعث والنشور: (رقم: 183).
(7) (ص: 29)

الصفحة 142