كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة
25…
الأولى: التحقق من ثبوته عنهم.
الثانية: معرفة المعنى المراد من كلامهم.
فأما ثبوته عنهم، فقول سفيان الثوري رواه رواد بن الجراح عنه، ورواد قال فيه الحافظ ابن حجر: ((صدوق، اختلط بآخره، فترك، وفي حديثه عن الثوري ضعف شديد)) (1).
فلا يصح هذا القول عن الثوري بهذا الإسناد.
وقول عبد الرحمن بن مهدي: رجال إسناده ثقات.
أما قول الإمام أحمد فقد رواه الخطيب البغدادي من طريق أبي العباس أحمد بن محمد بن الأزهر السجزي، قال: سمعت النوفلي - يعني ابا عبد الله - يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال ومالا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد)).
وأبو العباس السجزي قال فيه الذهبي: ((واه)) (2).
وأبو عبد الله النوفلي هو أحمد بن الخليل النوفلي القومسي ذكره ابن أبي يعلى في ((طبقات الحنابلة)) في الكنى وذكر في ترجمته قول الإمام أحمد السابق من طريق الخطيب البغدادي، وذكره في الأسماء فقال: ((أحمد بن الخليل القومسي ذكره أبو بكر الخلال فقال: رفيع القدر، سمع من أبي عبد الله مسائل أغرب فيها على أصحابه)) (3).
والنوفلي هذا من الكذابين الكبار كذبه أبو حاتم (4) وأبو زرعة الرازيان فقال أبو زرعة: ((كذاب، يكذب على من لقي، ويحدث عن من لم يلقه، ويحدث عن قوم قد ماتوا قبل أن يولد بنحو عشر سنين)) (5).
فهذا الإسناد واه جداً، لا يجوز الاعتماد عليه في نسبة هذا القول للامام أحمد.
ثم قال الخطيب البغدادي: ((حدثت عن عبد العزيز بن جعفر، أخبرنا أبو بكر
__________
(1) تقريب التهذيب: (رقم: 1958).
(2) سير أعلام النبلاء: (296/ 14)، وانظر المجروحين لابن حبان: (163/ 1 - 165).
(3) طبقات الحنابلة: (42/ 1، 425).
(4) انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (50/ 2)
(5) اجوبة أبي زرعة الرازي على أسئلة البرذعي: (732/ 2 - 735).