كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة

26…
أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال: أخبرني الميموني قال: سمعت أبا عبد الله يقول: أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجئ شيء فيه حكم)) (1).
وهذا القول عن الإمام أحمد لا يثبت بهذا الإسناد أيضاً، لان الخطيب رحمه الله لم يبين من حدثه عن عبد العزيز بن جعفر.
وقال أبو الفضل عباس بن محمد الدوري: ((سمعت أحمد بن حنبل وسئل - وهو على باب أبي النضر هاشم بن القاسم - فقيل له: يا أبا عبد الله، ما تقول في موسى بن عبيدة الربذي وفي محمد بن إسحاق؟، فقال: أما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث _ كأنه يعني المغازي ونحوها -، وأما موسى بن عبيدة فلم يكن به بأس، ولكنه حدث بأحاديث مناكير عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما إذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا - وقبض أبو الفضل على أصابع يديه الأربع من كل يد، ولم يضم الابهام)) (2).
وهذا القول ثابت عن الإمام أحمد، ولكنه قول قديم، قاله الإمام أحمد في وقت مبكر حيث ذكر الدوري أنه سمعه من الإمام أحمد على باب أبي النضر هاشم بن القاسم وأبو النضر توفي سنة سبع ومائتين (3) فهذا القول قاله الإمام أحمد قبل هذا التاريخ، وقد تغير رأي الإمام أحمد في كل من ابن إسحاق وموسى الربذي (4).
ولكن القول المذكور يبين المراد من التساهل المنسوب إلى الإمام أحمد في غير الحلال والحرام، وهو تساهل نسبي.
وقد أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال - في كلام طويل في هذا
__________
(1) الكفاية: (ص: 213).
(2) تاريخ يحيى بن معين رواية الدوري عنه: (60/ 3، 247 رقم 231، 1161) والمراد من قبض أصابع اليدين الا الابهام أي: أردنا قوما ثقات اثباتا.
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد: (335/ 7).
(4) روى إسحاق بن إبارهيم بن هاني عن الإمام أحمد أنه قال في ابن إسحاق: ((هو صالح)) وذكره في من يحتج به. (مسائل الإمام أحمد رواية ابن هاني 242/ 2) وابن هاني ولد سنة 218هـ وقال أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((لا تحل الرواية عندي عن موسى بن عبيدة، قلنا: يا أبا عبد الله: لا يحل؟ ‍‍‍!، قال: عندي. قلت: فإن سفيان وشعبه قد رويا عنه، قال: لو بان لشعبه ما بان لغيره ما روى عنه)). انظر: أحوال الرجال للجوزجاني (رقم 208)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: (152/ 8)، واللفظ له، وتوفي الجوزجاني سنة 259هـ.

الصفحة 26