كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة
30…
فتعقبه أبو زكريا النووي فقال: ((وهذا الذي ادعى انه الاظهر ليس بالاظهر، لان النبي صلى الله عليه سولم قال: (لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد) (1).
هذا - والله أعلم - في زمن الدجال كما جاء في الحديث الصحيح الذي ذكره مسلم في أواخر الكتاب (2) في أحاديث الدجال أنه يقصد المدينة، فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج الله بها منها كل كافر ومنافق، فيحتمل انه مختص بزمن الدجال، ويحتمل انه في أزمان متفرقة.
والله أعلم)) (3).
وذكر الحافظ ابن حجر قول القاضي عياض وقول النووي، ثم قال: ((ويحتمل ان يكون المراد كلا من الزمنين ... )) يعني زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الدجال، ثم قال: ((وأما ما بين ذلك فلا)) (4).
كذا قال رحمه الله، ثم قال في موضع آخر في الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم (ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق).
قال: ((وحمل بعض العلماء الحديث الذي فيه أنها تنفي الخبث على هذه الحالة دون غيرها - يعني عند خروج الدجال -، وقد تقدم أن الصحيح في معناه أنه خاص بناس وزمان، فلا مانع أن يكون هذا الزمان هو المراد، ولا يلزم من كونه مراداً نفي غيره)) (5).
والذي يدل عليه ظاهر اللفظ ان النفي المذكور في حياته صلى الله عليه وسلم، ويكون بعد ذلك، ويكون النفي تاما ًحين ترجف المدينة ثلاث رجفات عند خروج الدجال، اما قبل ذلك فقد وردت أحاديث تدل على حدوث النفي في بعض الأوقات ولبعض الناس، كما حصل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الأعرابي الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((أقلني بيعتي)) (6).
__________
(1) رواه مسلم: (رقم: 1381) وسيأتي تمام تخريجه برقم: (88).
(2) صحيح مسلم (رقم 2943) ورواه البخاري أيضاً (95/ 4 رقم 1881)، وسيأتي تمام تخريجه برقم: (43).
(3) شرح صحيح مسلم: (154/ 9)
(4) فتح الباري: (88/ 4)
(5) المصدر السابق: (96/ 4)
(6) رواه البخاري (96/ 4)،ومسلم (رقم 1383) وغيرهما، انظر الحديث الاتي برقم: (126).