كتاب الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعا ودراسة
32…
خرج منها من لم يعوضها الله خيراً منه من الصحابة رضي الله عنهم (1).
والصحابة رضي الله عنهم لم يخرجوا من المدينة رغبة عنها كما تقدم.
ولذلك قال القاضي عياض: ((اختلفوا في هذا، هو مختص بمدة حياته صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: هو عام أبدا. وهذا أصح)) (2). وكذا قال محب الدين الطبري (3).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ان الايمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها) (4).
فقد نقل الحافظ ابن حجر عن أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي قوله: ((كان هذا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والقرن الذي كان منهم، والذين يلونهم، والذين يلونهم خاصة)) (5).
وقال الحافظ ابن حجر: ((كل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلم، فيشمل ذلك جميع الأزمنة ... )) (6).
ويكون أروز الايمان تاماً إلى المدين ومكة حين يعود الإسلام غريباً كما بدأ غريباً (7).
وهكذا بقية الأحاديث الواردة في فضائل المدينة تبقى على عمومها ولا تخصص بزمن خاص بدون مخصص شرعي.
قال النووي في شرح صحيح مسلم في باب ((الترغيب في سكنى المدينة ... )): ((قال العلماء: وفي هذه الأحاديث المذكورةفي الباب مع ما سبق وما بعدها دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة والصبر على شدائدها، وضيق العيش فيها، وأن هذا الفضل باق مستمر إلى يوم القيامة)) (8).
__________
(1) الاستذكار: (112/ 6)
(2) شرح صحيح مسلم للنووي: (137/ 9)
(3) القرى لقاصد أم القرى: (ص: 673)
(4) رواه البخاري: (93/ 4 رقم 1876) ومسلم (رقم 147) وغيرهما وسيأتي برقم: (141).
(5) فتح الباري: (94/ 4) والداودي توفي سنة 402هـ وهو أول من شرح صحيح البخاري من المغاربة وسمى شرحه (النصيحة). انظر عن هذا الكتاب ((مدرسة الإمام البخاري في المغرب)) ليوسف الكناني (569/ 2، 579).
(6) فتح الباري: (93/ 4 - 94).
(7) انظر الحديث الاتي برقم: (142، 143).
(8) شرح صحيح مسلم: (151/ 9).