كتاب جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف

صغائر. وبين أنّ اجتناب الكبائر يكفر الله به الصغائر؛ وذلك في قوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} 1. ويروى عن الفضيل بن عياض في هذه الآية أنه قال: "ضجوا من الصغائر قبل الكبائر"2".
وهذا التقسيم واضح الدلالة من الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "فقد دلّ الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين بعدهم على أنّ الذنوب كبائر وصغائر"3.
أما عن تعريف الكبيرة: فقد ذكر الشيخ الأمين –رحمه الله- اختلاف العلماء فيه على أقوال متعددة؛ فقال: "واعلم أنّ أهل العلم اختلفوا في حدّ الكبيرة؛ فقال بعضهم4: هي كلّ ذنب استوجب حدا من حدود الله.
وقال بعضهم5: هي كلّ ذنب جاء الوعيد عليه بنار أو لعنة أو غضب أو عذاب. واختار بعض المتأخرين6حدّ الكبيرة بأنها هي كل ذنب دلّ على عدم اكتراث صاحبه بالدين ... وعن ابن عباس أنّ الكبائر أقرب إلى السبعين منها إلى السبع. وعنه أيضا: أنها أقرب إلى سبعمائة منها إلى سبع7"8.
__________
1 سورة النساء، الآية [31] .
2 أضواء البيان 4/118.
3 الجواب الكافي لابن القيم ص134.
4 روى ابن جرير عن الضحاك قوله: "الكبائر كلّ موجب أوجب الله لأهلها النار، وكل عمل يقام به الحدّ فهو في النار". (جامع البيان للطبري 5/42) .
5 مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما. (انظر تفسير الطبري 5/41) .
6 قال الغزالي في ضابط الكبيرة: "إنّ كلّ معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف، ولا إحساس بندم، بل يرتكبها متهاونا بها مستجرئا عليها فهي كبيرة".
(انظر تنبيه الغافلين ص133) .
7 تفسير ابن جرير الطبري 5/41. وانظر: مدارج السالكين 1/32.
8 أضواء البيان 7/199. وانظر: المصدر نفسه 4/118.

الصفحة 584