كتاب جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف

حتى يحفظه، ثمّ ينتقل إلى باب الاجتهاد، ثمّ إلى باب الأمر. وهكذا كان يأخذ المسائل جزئية جزئية، ولكن إذا أخذ الجزئية يجمع لها جميع ما يصل إليه من المراجع، ثمّ يدرس المسائل بحذافيرها.
وقال لي مرة: "إنه درس نصا من خليل، في كتاب النكاح"، وهو فصل: "لو ببيع سلطان لفلس"، فقال: "شرحه لي شيخي بعد العصر ولم أفهمه، وكررت قراءة الكتب، ولم أفهم. وجاء الليل فأوقدت ناراً، وجلست أكرر القراءة في المراجع حتى طلع الفجر، ثم صليت الفجر وأنا لم أنم، ثمّ بعد ذلك فهمت المسألة، وكانت النتيجة قليلة، فقلت: لو كنت أتعبت ذهني لأستخرج مسائل من الكتاب والسنة لكنت أتيت للمسلمين بعلم كثير"1.
فالشيخ -رحمه الله - إذا وجد مسألة صعب عليه فهمها لا يهدأ له بال حتى يفهمها فهماً جيداً، ويعرف ما وراءها.
وكلّ العلوم درسها على شيوخه إلا فنّ المنطق، فإنه جلس عليه ستة شهور لا يخرج من البيت إلا للصلاة، وخرج بألفية جيدة، ومع الأسف فإن أغلبها مفقود. فهذا هو العلم الذي حصله الشيخ بنفسه. وقد أخبرني مشافهة أن كل آية في القرآن درسها على حدة، وذكر لي الشيخ عطية عن والدي أنه قال له: "لا توجد في القرآن آية قال: "فيها الأقدمون شيئا إلا حفظته.
وكان الشيخ - رحمه الله - إذا أخذ الكتاب يحاول أن يقرأه، وفي كلّ الكتب التي اقتناها يكتب المسائل التي قرأها في الصفحة الأولى من الكتاب.
وكان - رحمه الله - يحفظ ألفية ابن مالك، وألفية العراقي، وألفية مراقي السعود، ويحفظ من الشعر الشيء الكثير.
__________
1 ذكرها أيضا الشيخ عطية سالم في ترجمة الشيخ. انظر أضواء البيان 1/31.

الصفحة 61