كتاب قواعد معرفة البدع

العبادات؛ إذ كل ما خالف هذه الشريعة وخرج عن قواعدها فلا يمكن ثبوته بطريق صحيح.

وبذلك يُعلم أن كل عبادة وردت بطريق شرعي صحيح فهي موافقة لقواعد الشريعة، ولا تكون مخالفة لها بوجه من الوجوه (¬1).

ويختص بفقه قواعد هذه الشريعة، ومعرفة مقاصد أحكام هذا الدين: الراسخون في العلم؛ إذ هم الذين يميَّزون السنة من البدعة، ويدركون المصلحة والمفسدة على هدى من الله، كما قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} وأعظم الناس فهمًا لدين الله وأعمقهم فقهًا فيه الصحابة الكرام رضي الله عنهم؛ فإنهم حضروا التنزيل وهم أعلم بالمقاصد.
أما من لم يبلغ رتبة الرسوخ في العلم ودرجة الفقه في الدين فإنه لن ينتفع بمثل هذه القاعدة العظيمة، وربما زلت قدمه فرأى حسنًا ما ليس بالحسن، وعدَّ من السنة ما ليس منها، وأدخل في دين الله ما هو منه براء.
وبسبب ذلك فإن الابتداع في الدين لا يقع من الراسخين في العلم اللهم إلا أن يكون فلتة، وهذه هي زلة العالم، ثم إنه متى تبين له الحق رجع إليه.
¬_________
(¬1) انظر في بيان أنه ليس في الشريعة شيء على خلاف القياس رسالة عزيزة لابن تيمية في مجموع الفتاوى (20/ 504 - 583)، وانظر أيضًا في الموضوع ذاته الفصل الذي عقده ابن القيم في كتابه القيم إعلام الموقعين (2/ 3 - 70).

الصفحة 105