كتاب قواعد معرفة البدع

الثانية: أن البدعة لا تكون إلا مناقضة لمقاصد الشريعة، هادمة لها، وهذا هو الدليل الكلي على ذمها وبطلانها، ولأجل ذلك وُصفت في الحديث بأنها ضلالة.

الثالثة: أن البدعة - في الغالب - إنما تكون بفعل أمور لم تعرف في عهده - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد صحابته رضي الله عنهم.

قال ابن الجوزي: (البدعة: عبارة عن فعلٍ لم يكن؛ فُابتُدع) (¬1).
ولذا سميت البدعة بدعة؛ فإن البدعة في اللغة: الشيء الذي أحدث على غير مثال سواء كان محمودًا أو مذمومًا، ومن هذا الوجه أطلق بعض السلف لفظ البدعة على كل أمر - محمودًا كان أو مذمومًا - لم يحدث في عهده - صلى الله عليه وسلم -، كما ورد ذلك عن الإمام الشافعي.

الرابعة: أن البدعة مشابهة ولا بد للأمور الشرعية ملتبسة بها.

بيان ذلك: أن البدعة تحاكي المشروع وتضاهيه من جهتين:
1 - من جهة مستندها؛ إذ البدعة لا تخلو من شبهة أو دليل موهوم، فهي تستند إلى دليل يظن أنه دليل صحيح (¬2)، كما أن العبادة المشروعة تستند ولا بد إلى دليل صحيح.
¬_________
(¬1) تلبيس إبليس (16).
(¬2) وهذا الدليل لا يخلو أن يكون واحد من نوعين: إما أدلة عامة مطلقة، أو أدلة خاصة واهية.

الصفحة 36