كتاب قواعد معرفة البدع

الحالة الثالثة: أن يترك - صلى الله عليه وسلم - الفعل مع وجود المقتضي له وانتفاء الموانع؛ فيكون تركه - صلى الله عليه وسلم - والحالة كذلك - سنة كتركه - صلى الله عليه وسلم - الأذان لصلاة التراويح.
وبهذا يعلم أن تَرْكَه - صلى الله عليه وسلم - إنما يكون حجة، فيجب تَرْكُ ما تَرَكَ بشرطين:

الشرط الأول: أن يوجد السبب المقتضي لهذا الفعل في عهده - صلى الله عليه وسلم - فإذا ترك - صلى الله عليه وسلم - فعْل أمرٍ من الأمور مع وجود المقتضي لفعله - بشرط انتفاء المانع - علمنا بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما تركه ليسن لأمته تركه.
أما إذا كان المقتضي لهذا الفعل منتفيًا فإنَّ تركه - صلى الله عليه وسلم - لهذا الفعل عندئذ لا يعد سنة، بل إنَّ فعْل ما تركه - صلى الله عليه وسلم - يصير مشروعًا غير مخالف لسنته متى وُجد المقتضي له ودلت عليه الأدلة الشرعية، وذلك كقتال أبي بكر رضي الله عنه مانعي الزكاة (¬1)، بل إن هذا العمل يكون من سنته لأنه عمل بمقتضى سنته - صلى الله عليه وسلم -.

ويشترط في هذا المقتضي الذي يوجد بعد عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -:

ألا يكون قد حدث بسبب تفريط الناس وتقصيرهم، كفعل بعض الأمراء (¬2) في تقديمه الخطبة على الصلاة في العيدين حتى لا ينفض الناس
¬_________
(¬1) انظر صحيح البخاري (12/ 275) برقم 6924، 6925.
(¬2) هو مروان بن الحكم، فعل ذلك لما كان أمير للمدينة في عهد معاوية رضي الله عنه انظر صحيح البخاري (2/ 448) برقم 956.

الصفحة 77