كتاب قواعد معرفة البدع

وبهذا الجواب أيضًا يجاب عن السؤال التالي، وهو:

السؤال الرابع: أن الصحابة رضي الله عنهم ربما لم يفعلوا بعض العبادات وتركوا الإتيان بها مع قيام المقتضي لفعلها؛ لاشتغالهم بما هو أهم: كالجهاد وإعداد الدولة الإسلامية من الناحية العلمية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، فلأجل هذا المانع ترك الصحابة رضي الله عنهم فعل بعض العبادات، والترك لا يكون حجة - كما هو معلوم - مع قيام المانع.
السؤال الخامس: من أين لكم أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لم يفعلوا هذه العبادة؛ فإنهم ربما كانوا يأتون بهذه العبادة في صورة فردية أو هيئة اجتماعية خاصة لا تكاد تظهر.
فمن ذلك: ما نُقل عن ابن عمر رضي الله عنهما في تتبعه لآثار النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل هذا عن جماهير الصحابة رضي الله عنهم.

والجواب: أن عدم النقل عنهم دليل ظاهر على مشروعية الترك، ثم إن هذا السؤال - كما تقدم في السؤال الأول - يفتح باب الإحداث في الدين؛ إذ لو صح لاستحب مستحب الأذان للتراويح، واستحب آخر أن يقال بعد الأذان: يرحمكم الله، وكل من أحدث بدعة أمكنه أن يقول: من أين لكم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك.
أما إذا نُقل عن أحد السلف - كابن عمر - العملُ بما تواطأ الأكثرون على تركه فالأولى إتباع مذهب الأكثرين، فإنه أبلغ في الاحتياط، وأما مذهب الواحد فإنه يحتمل أمورًا عدة.

الصفحة 89