كتاب قواعد معرفة البدع

وبسبب هذه الاحتمالات ينبغي للعامل أن يتحرى العمل على وفق الأولين، فلا يسامح نفسه في العمل بالقليل، إلا قليلاً وعند الحاجة ومس الضرورة.
أما لو عمل بالقليل دائمًا للزمه أمور:
1 - المخالفة للأولين في تركهم الدوام عليها، وفي مخالفة السلف الأولين ما فيها.
2 - استلزام ترك ما داوموا عليه.
3 - أن ذلك ذريعة إلى اندراس أعلام ما داوموا عليه، وذريعة اشتهار ما خالفوه.
والقسم الثالث: ألا يثبت عن الأولين أنهم عملوا به على حال فهذا أشد مما قبله، فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماع الأولين فكل من خالف السلف الأولين فهو على خطأ، وهذا كاف، والحديث الضعيف الذي لا يعمل العلماء بمثله جار هذا المجرى.
ومن هنا لك لم يسمع أهل السنة دعوى الرافضة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على علي رضي الله عنه أنه الخليفة بعده، لأن عمل كافة الصحابة على خلافه دليل على بطلانه أو عدم اعتباره، لأن الصحابة لا تجمع على خطأ، وكثيرًا ما تجد أهل البدع والضلالة يستدلون بالكتاب والسنة، يحمِّلونها مذاهبهم، ويغبرون بمشتبهاتهما في وجوه العامة، ويظنون أنهم على شيء.

الصفحة 93