كتاب قواعد معرفة البدع

السؤال السادس: سلَّمنا لكم أن هذه العبادة لم يُنقل فعلُها عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن سلف هذه الأمة مع قيام المقتضي لفعلها، وانتفاء الموانع في حق الجميع، لكنها تشرع من جهة دلالة الأدلة العامة على مشروعيتها، ومن جهة قياسها على المشروع.
مثال ذلك: أن يخصص أحدهم ليلة ما من الليالي التي ارتبطت بها نعمة خاصة أو عامة بالقيام والذكر فيقول: نعم إن إحياء هذه الليلة لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا سلف الأمة من بعده لكنه يدخل تحت عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} وقد دل على مشروعية هذا التخصيص أيضًا قياسهُ على يوم عاشوراء؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عظَّم هذا اليوم وخصَّه بالصوم شكرًا لله على النعمة التي وقعت فيه، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة رأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «ما هذا»؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه وأمر بصيامه (¬1).
والجواب: أن الترك دليل خاص يقدم على العمومات وعلى القياس.
بيان ذلك بأمثلة ثلاثة:
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري (4/ 244) برقم 2004.

الصفحة 94