كتاب قانون التأويل

ذلك العام (أي عام: 503) (¬1)، بل استمر الِإحراق وتتبع كتب الغزالي إلى عهد تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين، إذ وصل إلينا منشوره الذي وجهه إلى أهل بلنسية في شهر جمادى الأولى من عام: 538 والذي تضمن بعض التوجيهات الِإدارية والدينية والحض على الجهاد، وأهم ما ورد فيه وجوب مقاومة أهل البدع، يقول المنشور: " ... ومتى عثرتم على كتاب بدعة أو صاحب بدعة، وخاصة -وفقكم الله- كتب أبي حامد الغزالي، فليتبع أثرها، وليقطع بالحريق المتتابع خبرها، ويبحث عنها، وتغلظ الأيمان على من يتهم بكتمانها .. " (¬2).
وممن أغلظ على الغزالي اللائمة وشدد عليه النكير أبو بكر الطرطوشي (ت: 520) الذي كتب رسالة إلى عبد الله بن مظفر يجيبه فيها عن حقيقة الغزالي وكتابة "الِإحياء" وفي هذه الرسالة يقول:
"سلام عليك، فأما ما ذكرت من أمر الغزالي، فرأيت الرجل وكلمته،
¬__________
= دليل على ذلك، ورأيه ساقط لا يعول عليه، وللتوسع في معرفة حادثة الإحراق انظر: ابن عذارى المراكشي: البيان المغرب 4/ 59، ابن أبي دينار: المؤنس 111، محمد المنتصر الكتاني: الغزالي والمغرب: 707 (بحث ضمن البحوث التي ألقيت في مهرجان الغزالي بدمشق) حسن إبراهيم حسن: تاريخ الإِسلام: 4/ 456 (ط: القاهرة 1967 م)، عبده بدوي: مع حركة الإِسلام في إفريقيا: 54 (ط: القاهرة 1970 م) عبد العزيز سالم: المغرب الكبير: 3/ 744 (ط: الإسكندرية 1966 م)، سلامة الهرفي: دولة المرابطين: 324 (ط: مكة 1985 م).
(¬1) ابن القطان: نظم الجمان: 16 (ط: بتحقيق محمود علي مكي- تطوان- المغرب).
(¬2) هذه الوثيقة نشرها الدكتور حسين مؤنس في "مجلة معهد الدراسات الإِسلامية" بمدريد: العدد: 3 سنة: 1954 - 1955 صفحة: 113، تحت عنوان "نصوص سياسية عن فترة الانتقال من المرابطين إلى الموحدين" وقد كتب أحد القراء على النسخة المخطوطة من هذا المنشور -بخط مغاير لخط النسخة المخطوطة- تعليقاً في الهامش يدل على أن الغزالي أصبح في العهود المتأخرة موضع تقدير وتبجيل وإليك هذا التعليق:
"يا كاتب هذه الرسالة إياك ثم إياك أن تكتب مقالته، لا تنسخ هذه الكلمات التي أشار بها إلى كتب أبي حامد الغزالي نفعنا الله ببركته!! فإن ذلك لا يحل، إياك ثم إياك، والسلام على من اتبع الهد

الصفحة 56