فلو قلت على لفظه: أحدثك بحديث إن وجد بأربع رواة (¬1) خالصاً لك دون أصحابك، لرجعت الحال إلى المقصود الموصوف أيضاً دون الصفة، وهذا لا يفهمه إلاَّ المتحققون بالعربية، وما أرى من عزى إلى الشافعي أنه قال:
قوله: {خَالِصَةً} يرجع إلى النكاح بلفظ الهبة (¬2) إلاَّ قد وهم، لأجل مكانته من العربية.
والنكاح بلفظ الهبة جائز عند علمائنا، مأخوذ من دليله في موضعه حسب ما بيناه في "مسائل الخلاف" والله أعلم.
المسألة الرابعة عشر:
قوله: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وقد علم كل سامع أن قوله: {خَالِصَةً لَكَ} تقتضي استبداده بذلك، وانفراده دون سواه، ولكنه أكد ذلك تبياناً أنه مختص به دون غيره من المؤمنين الذين يشركونه في النكاح وشروطه وكان يكفي أن يقول: دون غيرك من الناس، ولكنه لحرمة اشتراكهم معه وصف بوصف المدح الذي هو الإيمان.
المسألة الخامسة عشر:
قوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قد بينا علم الله وحقيقته ومتعلقه من ماض ومستقبل وحال في
¬__________
(¬1) في أحكام القرآن: 1565 بأربع روايات.
(¬2) الذي في الأم: وقال عز وجل: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ... } الآية قال الشافعي: خالصة بهبة ولا مهر، فاعلم أنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون المؤمنين، الأم: 5/ 59 (ط: بإشراف محمد زهدي النجار - دار المعرفة، بيروت: 1973).