كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= ومن قبل الخطيب البغدادي عد ابن أبي حاتم الرازي ذلك أيضًا وَهمًا من البخاري؛ فقد ذكر ترجمتين باسم عيسى بن ميسرة الغفاري، وذكر في أولاهما: أنه هو عيسى بن أبي عيسى الحناط المديني، وذكر في الثانية أنه هو عيسى الحناط، ثم قال: وفرق بينهما محمد بن إسماعيل البخاري، وجعلهما اسمين، وهُما واحد/ الجرح والتعديل 6/ 289، 290.
والذي يبدو لي -والله أعلم- أن وَهم البخاري ليس فيما ذكره كل من الخطيب وابن أبي حاتم، لأن البخاري مع ذكره ترجمة مستقلة - باسم عيسى بن ميسرة، وأخرى باسم عيسى بن أبي عيسى الحناط قد نبه في الثانية على أن الترجمتين لشخص واحد ويؤيد هذا اقتصاره في كتابيه الآخرين على ذكر ترجمة واحدة له باسم عيسى بن أبي عيسى، وتقريره فيها أنه هو عيسى بن ميسرة المديني، كما قدمت.
ولكن وَهم البخاري في التاريخ الكبير: أنه ذكر عقب الترجمتين المذكورتين ترجمة ثالثة باسم "عيسى بن ميسرة بن حيان" وذكر أنه يعد في أهل المدينة، ثم ذكر أنه بروى عن أبي الزناد، وهذا موافق لما ذكره في الترجمة الأولى التي ذكرها باسم عيسى بن ميسرة الغفاري/ انظر التاريخ الكبير 6/ 404 ترجمة 2793، 405 ترجمة 2795، ولكن البخاري لم يربط بين هاتين الترجمتين: الثالثة والأولى كما ربط بين الثانية والأولى، فوهَمه إذن في عده من يسمى "عيسى بن ميسرة" ويروى عن أبي الزناد، رجلين، والصواب أنهما واحد، وهو أيضًا الذي يقال له "عيسى بن أبي عيسى الحناط" فصار له عند البخاري ثلاث تراجم، والله أعلم.
وقد لقب عيسى هذا بـ "الخياط" بالخاء المعجمة المفتوحة والياء التحتية المشددة، وذلك لاشتغاله بالخياطة، ثم اشتغل ببيع الحِنْطة فلقب بـ "بالحنَّاط" بالحاء المهملة المفتوحة وبعدها نون مشددة، وهذا هو اللقب الذي اشتهر عيسى به، ثم اشتغل ببيع الخَبَط -وهو الوَرق المتساقط من الشجر المستعمل في علف الإبل- ولذا لُقب أيضًا بـ "الخبّاط" بالخاء المعجمة والباء الموحدة المشددة/ انظر تهذيب التهذيب 1/ 224، 225 ترجمة 417 والإكمال لابن ماكولا/ 275. =

الصفحة 586