كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 1)

7 - ومذهب سابع: أن تحريم الاستقبال والاستدبار في ذلك لأهل المدينة وما وراءها، من الشام، والمغرب، لأنهم في التشريق، والتغريب، لا يستقبلون القبلة، ولا يستديرونها (¬1) وإليه ذهب
¬__________
= لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه؛ قلنا للإِجماع، فلا نعلم مَن يَعتدّ به حرمه، والله أعلم/ الجموع 2/ 81.
أقول سيأتي تعرض المؤلف مرة ثانية لحكم استقبال القدس واستدبار الكعبة عند قضاء الحاجة، وللاستدلال بحديث معقل هذا على ذلك ص 606 فكن ذاكرًا لما تقرر هنا جمعًا لأطراف الموضوع.
وجاء عن الإمام أحمد أيضًا أن حديث ابن عمر الآتي في الباب التالي ناسخ للنهي عن استقبال بيت المقدس واستدباره بالغائط والبول وقال: "هذا الذي لا أشك فيه، وليس في نفسي منه شيء، أنه لا بأس به" يعني استقباله واستدباره بالغائط والبول/ التمهيد 1/ 309، 310.
ولكن الراجح كما تقدم أن النسخ لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، وهو أيضًا هنا ممكن، بحمل حديث ابن عمر على الأبنية والسواتر، وحمل مثل هذا النهي على الفضاء، كما تقدم في القول الثالث، ويحمل النهي بالنسبة لبيت المقدس على التنزيه للإِجماع الذي أشار إليه النووي.
بقي أن نقول: إن قول الإمام أحمد رحمه الله بالنسخ للنهي عن بيت المقدس، دليل على إقراره بثبوت هذا النهي أولًا حتى يوجه إليه النسخ، وهذا يرد قول ابن حزم الآتي: إن النهي عن بيت القدس لم يصح/ انظر ص 612 ت والمحلى 1/ 259.
(¬1) ذكر هذا القول أيضًا الحافظ ابن حجر، والبدر العيني وعزياه إلى أحد الشافعية، وهو أبو عوانة، صاحب المُزَني، وذكرا أنه استدل لذلك بعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي أيوب "ولكن شرقوا أو غربوا" / فتح الباري 1/ 246 وعمدة القاري 2/ 279. =

الصفحة 595