كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= باقي الترجمة، وتندفع المنازعة للبخاري، فقال ابن حجر بعد ذكر عبارة البخاري السابقة: وقد نُوزع في ذلك؛ لأنه يحمل الأمر في قوله "شرقوا أو غربوا" على عمومه، وإنما هو مخصوص بالمخاطبين، وهم أهل المدينة، ويلحق بهم من كان على مثل سَمتهم، ممن إذا استقبل المشرق أو المغرب لم يستقبل القبلة، ولم يستدبرها، وأما من كان في المشرق، فقبلته في جهة المغرب، وكذلك عكسه، وهذا معقول لا يخفى مثله على البخاري، فيتعين تأويل كلامه بأن يكون مُراده: "ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة"، أي لأهل الدينة والشام ولعل هذا هو السر في تخصيصه المدينة والشام بالذكر/ فتح الباري 1/ 498.
وقال ابن التين الصفاقسي: إن البخاري "يريد أن قبلة هؤلاء المسلمين ليست في المشرق منهم، ولا في المغرب، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح لهم قضاء الحاجة في جهة المشرق منهم والمغرب، وقال العيني: قلت: معناه: القبلة ما بينهما، ثم أيد ذلك بحديث الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا ما بين الشرق والمغرب قبلة" وبما روى نحوهُ موقوفًا على عدد من الصحابة، ونقل عن البيهقي وغيره أن المراد به أهل المدينة ومن وافقها في القبلة/ عمدة القاري 4/ 128.
وقال ابن بطال: تفسير هذه الترجمة: يعني وقبلة مشرق الأرض كلها إلا ما قابل مشرق مكة من البلاد التي تكون تحت الخط المار عليها من المشرق إلى المغرب، فحكم مشرق الأرض كلها كحكم مشرق أهل المدينة والشام في الأمر بالانحراف عند الغائط؛ لأنهم إذا شرقوا أو غربوا لم يستقبلوا القبلة ولم يستدبروها، قال: وأما ما قابل مشرق مكة من البلاد التي تكون تحت الخط المار عليها من مشرقها إلى مغربها، فلا يجوز لهم استعمال هذا الحديث ولا يصح لهم أن يشرقوا ولا أن يغربوا؛ لأنهم إذا شرقوا استدبروا القبلة، وإذا غربوا استقبلوها، وكذلك من كان موازيًا بمغرب مكة، إن غَرَّب استدبر القبلة، وإن شرق استقبلها، وإنما ينحرف إلى الجنوب أو الشمال، فهذا هو تغريبه وتشريقه، قال: وتقدير الترجمة: باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام، والمشرق والمغرب، ليس في التشريق ولا في التغريب، يعني أنهم عند الانحراف للتشريق والتغريب ليسوا مواجهين للقبلة ولا مستدبرين لها/ عمدة القاري 4/ 128. =

الصفحة 597