كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 1)

ويُحتَمل أن يكون احترام البيت المقدس (¬1)، إذ كان قبلة لنا مَرة (¬2). أو يكون ذلك من أجل استدبار الكعبة؛ لأن من استقبله بالمدينة استدبر الكعبة (¬3).
وقد قال أصحابنا (¬4): لا يَحرم استقبال بيت المقدس، ولا استدباره بالبول والغائط؛ لكن يكره.
فلو ثبت الحديث (¬5) طولبوا بالفَرق على التأويل الأول (¬6)؛ لكن
¬__________
(¬1) كذا الأصل، وعبارة الخطابي: "هذا يحتمل أن يكون على معنى الاحترام لبيت المقدس ... الخ"، المعالم/ الموضع السابق، وهي أوضح، ويظهر منها مدى اعتماد المؤلف عليه وإن لم يصرح.
(¬2) فبقيت له حُرمة الكعبة، كذا زاده النووي، وأقر هذا التأويل وذكر اختيار الخطابي له/ المجموع 2/ 81.
(¬3) من قوله: "أو يكون ذلك ... " إلى هنا هي عبارة الخطابي مع تصرف يسير/ المعالم 1/ 21.
وقد قال النووي عن هذا التأويل: إن فيه ضعفًا/ المجموع 2/ 81.
(¬4) يعني من الشافعية، والعبارة إلى قوله: "لكن يكره" في شرح النووي على مسلم، مع اختلاف يسير/ شرح النووي على مسلم 2/ 272 وذكرها مع تفصيل أكثر في المجموع 2/ 80.
(¬5) هذا وما بعده ليس من كلام النووي، ولكنه من كلام المؤلف، وسيأتي تقرير ثبوت الحديث، وصلاحيته للحجة كما أشرت قبل قليل.
(¬6) وهو أن سبب النهي عن استقبال بيت المقدس كونُه كان قبلة لنا، فبقيت له حرمة الكعبة، فيقال للأصحاب؛ ما الفرق إذَن بينه وبين الكعبة، حتى جعلتم استقبالَها مُحرَّمًا في بعض الأحوال، واستقبال بيت المقدس مكروهًا فقط؟.
وقد أجاب النووي عن ذلك كما قدمته ص 595 ت بإجماع من يعتد به على هذا التفريق في الحكم بين استقبالهما، وانظر المجموع 2/ 81.

الصفحة 607