كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 1)

لم يبلُغْه حديث ابن عمر وما في معناه (¬1)، أو لم يره مُخَصِّصا، وحمل ما رواه على العموم (¬2).
¬__________
(¬1) كحديث جابر وعائشة وغيرهما مما سيأتي في الباب التالي، وقد جزم الشافعي وابن عبد البر أبا أيوب لم يَبْلُغه حديث ابن عمر، فقال الشافعي: وسمع أبو أيوب الأنصاري النهي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يعلم ما علم ابن عمر من استقباله -صلى الله عليه وسلم- بيتَ المقدس لحاجته، فخاف المأثم في أن يجلس على مرحاض مستقبل الكعبة، وتَحرَّف لئلا يستقبل الكعبة، وهكذا يجب عليه إذا لم يعرف غيره، ثم قال: وهذا يدل على أن خاص العلم لا يوجد إلا عند القليل، وقلما يعم علم الخاص/ اختلاف الحديث للشافعي، بهامش الأم 7/ 270، 271.
وقال ابن عبد البر نحو هذا، مع التصريح بحمل أبي أيوب لهذا النهي عن الاستقبال والاستدبار على العموم، وأنه هكذا يجب على كل من بلغه شيء أن يستعمله على عمومه حتى يثبت عنده ما يخصصه، أو ينسخه/ التمهيد 1/ 304.
أما الحافظ ابن حجر فلم يجزم بعدم بلوغ حديث ابن عمر أبا أيوب، فقال: كأنه لم يبلغه حديث التخصيص (يعني حديث ابن عمر؛ لدلالته على تخصيص الجواز بالأبنية) / انظر فتح الباري 1/ 245، وعدم الجزم بأن أبا أيوب بلغه هذا، يفتح المجال للتوجيه الثاني لِمَا ذهب إليه أبو أيوب، والمذكور بعد هذا في الأصل.
(¬2) ذكر حَمْل أبي أيوب الحديث الذي سمعه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- على العموم/ ابن عبد البر كما قدمتُ، وابنُ دقيق العيد؛ إذ قال: إن حَمْلَه على الصحارى مخالفُ لما حَمَلَه عليه أبو أيوب من العموم؛ فإنه قال: "فأتينا الشام فوجدنا مراحيضَ قد بُنيَتْ قِبَل القبلة، فَنَنْحَرِف عنها" فرأى النهي عامًا/ إحكام الأحكام/ 1/ 46، 48.
ولكن القائلين بحَمْلِه على الصحراء جمعًا بين أحاديث النهي، وأحاديث الترخيص، أجاب الشافعيةُ منهم عن قول أبي أيوب هذا بوجهين:
أولهما: أنه شك في عموم النهي فاحتاط بالاستغفار. =

الصفحة 614