كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وعمومًا فعلى ما قدمته من الأنسب في حال فُليح، وهو أنه لا بأس به، يكون هذا الإسناد حسنًا لذاته فقط، وليس صحيحًا كما قرر الشيخ أحمد شاكر، بل إنه لو سُلمت صحة الإسناد من هذا الطريق، أو من غيره كما سيأتي، فإن متن هذا الحديث وما هو بمعناه يعتبر معلولًا، لمعارضته بما اتفق أكثر الثقات من رواة الحديث عليه، وهو أن ابن عمر رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على حاجته مستدبر القبلة، لا مستقبلها كما في هذه الرواية وما بمعناها أو بنحوها. ولا يتأتى الجمع بين الروايتين الا على القول بتعدد الواقعة، بمعنى أن يكون ابن عمر رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على خلائه مرتين: إحداهما: مستقبل القبلة، والأخرى: مستدبرها، وهذا ما لم نجده في مختلف روايات الحديث؛ بل الذي جاء في بعضها يدل على عكس ذلك، وهو عدم تكرر رؤية ابن عمر للرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو على هذه الحالة، مثل قول ابن عمر في الروايات المتقدمة: "حانت مني التفاتة" وقول أحد رواة الحديث وهو أيوب بن عتبة -كما تقدم-: إن ابن عمر "كأنه فجئه".
وفي رواية سعيد بن منصور في سننه، قال ابن عمر: ظهرت على إجَّار في بيت حفصة في ساعة لم أكن أظن أحدًا يخرج فيها ... " (الحديث)، كما في شرح معاني الآثار للطحاوي 4/ 234، وجمع الجوامع في الحديث للسيوطي 2/ 506 ط الأولى، وسيأتي نحوه أيضًا في رواية الدارقطني.
وقد أقر هذا شُرَّاحُ الحديث، ومنهم الشارح هنا كما سيأتي في الأصل، وكذا غيرهم، كما سيأتي في التعليق، فاهتموا جميعًا بالتأكيد على أن رؤية ابن عمر للرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذه الحالة لم تكن مقصودة له ابتداء؛ لأنها حالة لا يليق تتبع الرسول فيها، حيث يُمكن معرفةُ حكمها وهيئتها الشرعيين بسؤاله -صلى الله عليه وسلم- أو سؤال أهل بيته وخَدَمِه، ولكنها كانت مصادفة أتيحت لابن عمر فانتهزها في استفادة الحكم الشرعي مباشرة/ انظر فتح الباري 1/ 247 ونيل الأوطار 1/ 99 ط المنيرية، والمعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر للزركشي بتحقيق الشيخ حمدي السلفي/ 172. =

الصفحة 628