كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= ويلاحظ على ما ذكره البخاري من رواية وُهَيب عن خالد (يعني الحذاء) عن رجل، أنها تخالف ما تقدم ذكره من رواية عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن رجل، أيضًا، حيث نجد في رواية وهَيب ذكر "عمرة" بين عِراك وبين عائشة، ولا نجد واسطة بينهما في رواية عبد الوهاب، وبذلك تكون الرواية عن الحَذّاء قد اختلَفتَ بذكر الواسطة وعدم ذكرها، وهذا من مظاهر الاضطراب في إسناد الرواية المرفوعة، كما وصفه البخاري بذلك فيما سيأتي.
فقد أخرج الترمذي الحديث في علله الكبير عن علي بن خَشرم عن عيسى بن يونس عن أبي عبد الله عن خالد الحذاء عن عِراك بن مالك عن عائشة بنحوه مرفوعًا، ثم قال: ورواه حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عِراك بن مالك، قالت عائشة، به مرفوعًا، مع ذكر قصة اجتماع خالد بن أبي الصلت وعِراك بن مالك حين حدَّث بهذا الحديث في مجلس عمر بن عبد العزيز، ثم قال الترمذي: فسألت محمدًا [يعني البخاري] عن هذا الحديث فقال: هذا حديث فيه اضطراب، والصحيح عن عائشة قولُها/ ترتيب علل الترمذي الكبير، لأبي طالب القاضي/ ل 3.
ومجموع كلامَيْ البخاري والترمذي يفيد تضعيف روايات الحديث المرفوعة، لاضطراب طرقها اتصالًا، وانقطاعًا، واعتماد روايته موقوفًا على عائشة للسلامة من ذلك.
والذي يبدو أن الاضطراب بالاتصال، والانقطاع ليس شاملًا لرواية خالد بن أبي الصلت عن عِراك كما هو مقتضى وصف البخاري لها فيما تقدم بالإرسال، ثم بالاضطراب، وإنما الاضطراب والإرسال في رواية عِراك عن عائشة، وذلك لأن الرواية الأولى مما ذكره البخاري في تاريخه جاء فيها خالد بن أبي الصلت بين خالد الحذاء وبين عِراك، والرواية الثانية فيها خالد، وهو الحذاء عن رجل عن عراك، فتحمل الثانية على الأولى، ويكون الرجل المبهم في الثانية هو خالد بن أبي الصلت المصرح به في الأولى، ويؤيده قول الدارقطني والعلائي فيما تقدم: إن الذي بين خالد الحَذّاء وعِراك، هو خالد بن أبي الصَّلْت. =

الصفحة 672