كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وبمقتضى تلك المخالفة في ذكر سماع عِراك لعائشة، سواء ممن شاركوا حمادًا في رواية الحديث عن الحذاء، أو ممن رووه عن حماد نفسِه، رجَّح الإمام أحمد انقطاع إسناد الحديث مرفوعًا على الاتصال والسماع، واعتبر ذِكْرَ السماع خطأ ممن ذكره، ويؤيده ما تقدم عن البخاري وما سيأتي عن غيره.
ولا ينافي هذا ما جاء عن أحمد نفسِه في صدر كلامه السابق، من أن "الحديث من طريق خالد بن أبي الصلت عن عِراك عن عائشة مرفوعًا، "هو أحسن ما رُوِي في الرخصة -وإن كان مُرسلًا- فإن مَخرجَه حسن"، وذلك لأنه قد أبقاه على انقطاعه، وقَصر التحسين على حال رواته فقط كما هو واضح من تقييده الحُسْن بالمَخْرَج، وهُم الرواة، أو مَن عليه مدار الحديث منهم -كما تقدم.
وقد ذكر ابن رجب أن الإمام أحمد يعنى بالإرسال: أن عِراكًا لم يسمع من عائشة، ثم أراد ابن رجب توجيه تحسين أحمد للحديث، فقال: فلعله حَسَّنه؛ لأن عِراكًا قد عُرِف أنه يَروى حديث عائشة عن عروة عنها/ شرح العلل 1/ 312.
أقول: قول ابن رجب: "لَعله حسنه ... الخ" يُشير إلى عدم جَزمه بذلك، ومقتضى ما ذكره أن أحمد قد حَسَّن الحديث مرفوعًا باعتبار بعض الطرق الأخرى الموصولة بذكر "عروة" بين عِراك وبَين عائشة، أي أنه حسنه لغيره على الاصطلاح؛ لكن هذا يُعكر عليه ما ذكره البخاري آنفًا، وما سيأتي أيضًا عن غيره، من أن الروايات الموصولة بذكر عُروة بين عراك وبين عائشة، الراجحُ منها هو الموقوف على عائشة وليس المرفوع، ومن جهة أخرى فإن أحمد نفسَه قد تقدم ترجيحه لانقطاع المرفوع وتخطئة مَن وَصلَه، فلا يتجه اعتمادُه له في تحسين الحديث، وتقدم أيضًا أن الرواية المرفوعة التي فيها ذِكْر "عروة" تعد شاذَّة، ولهذا فالأولى تفسير الحُسْن في كلام الإمام أحمد بغير الحُسن الاصطلاحي، كما فُسِّر قوله، وقول غيره: "أصح ما في الباب كذا" بغير الصحة الاصطلاحية، فقد سأل أبو داود أحمد: أي حديث أصح في: أفطر الحاجم والمحجوم؟ "، قال: حديث ابن جُريج عن مكحول عن شيخ من الحي عن ثوبان/ الاعتبار للحازمي/ ص 140، وهذا الإسناد فيه مجهول كما ترى"، فهو ضعيف، فيكون قوله: =

الصفحة 676