كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وقال العلائي أيضًا -بعد ذكر رواية مسلم المشار إليها-: والظاهر أن ذلك على قاعدته المعروفة/ تحفة التحصيل/ ق 176 أ.
أقول: وينبغي التنبه إلى أن قاعدة مسلم التي أشار إليها العلائي، بجانب اشتراطها المعاصرة الممكن معها اللقاء، وعدم التدليس، تَشترِط أمرًا آخر، وهو عدمُ وجود دلالة بَيِّنة تنفي اللقاء أو السماع، كما سيأتي نقل المؤلف لذلك في كلام أبي الحسين العطار، وانظر أيضًا صحيح مسلم - باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن 1/ 29، 30، 33، وهذا الشرط غير مُتحقق هنا، حيث إن الإِمام أحمد والبخاري وغيرهما -كما تقدم- نفوا سماع عراك عن عائشة،/ ودلَّل الإمام أحمد على ذلك بشذوذ ومرجوحية الروايات التي جاء فيها ذكر السماع صريحًا.
وقد أشار ابن القيم إلى ذلك، فقال: فإن قيل: قد روَى مسلم في صحيحه حديثًا عن عراك عن عائشة، قيل: الجواب: أن أحمد وغيرَه خالفه في ذلك، وبينوا أنه لم يسمع منها/ تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم مع معالم السنن 1/ 23.
ومن جهة أخرى يجب التنبيه إلى أن إخراج مسلم لحديث عِراك عنها مع رجحان الانقطاع بينهما ليس بقادح في شرطه -عند التأمل-؛ وذلك لأن مسلمًا أخرج الحديث أولًا من طريقين بسند متصل عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عروة عن عائشة، ثم أَتْبعه برواية عِراك عن عائشة/ انظر صحيح مسلم - كتاب البر والصلة 4/ 2027 ح 147، 148، فهي متابعة للرواية الأولى، وليست هي الرواية الأصلية التي اعتمد عليها في تصحيح الحديث، والمتابعة والشاهد يُكتفَى فيهما بمثل هذه الرواية، ولا تقدح في صحة أصل الحديث من الطريق أو الطرق الأخرى.
وبمثل هذا أجاب أبو الحسين العطار نفسه عن بعض الأحاديث التي أقر بأن مسلمًا رواها منقطعة في الشواهد، فقال: إذا كان الحديث ثابتًا متصلًا من وجه صحيح ثم رُوى من وجه آخر دونه في الصحة، وفي اتصاله نظر، فلا يؤثر ذلك في ثبوته واتصاله من الوجه الآخر/ المصدر السابق/ ق 14 أ. =