كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

قال أحمد: أحسن ما رُوِي في الرخصة حديث عِراك [عن عائشة] (¬1) -وإن كان مرسَلًا- فإن مخرَجَه حَسن (¬2)
¬__________
= وهذا يمكن الجواب عنه بأن المعارضة غيرَ متحققة، حيث أمكن الجمع بحمل أحاديث النهي -كما تقدم- على حالة الخلاء وعدم الساتر، وحمل أحاديث الرخصة الثابتة على حالة البناء أو الساتر، وإعمالُ الدليلَين أولى من إهمال أحدهما. وعلى هذا جاءت أصح الروايتين عن أحمد بجواز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في البنيان، جمعًا بين أحاديث النهي وأحاديث الرخصة، كما قرر ذلك ابن الجوزي وابن عبد الهادي وغيرَهما/ انظر التحقيق في أحاديث التعليق لابن الجوزي وبهامشه تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي - بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي 1/ 68، 69 والمغني مع الشرح الكبير 1/ 88، 89.
وقال ابن المنذر: وأصح هذه المذاهب: مذهبُ من فرق بين الصحاري والمنازل في هذا الباب، وذلك أن يكون ظاهرُ نَهي النبي -صلى الله عليه وسلم- على العموم إلا ما خَصّته السنة فيكون ما خصته السنة مستثنى من جملة النهي، وإنما تكون الأخبار متضادة إذا جاءت جملة فيها ذكر النهي، مُقابل جُملةِ ما، فيها ذِكْر الإباحة، فلا يمكن استعمال شيء منها إلا بطرح ما ضادَّها ... وهذا الوجه موجود في كثير من السنن، والله أعلم، فلما نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن استقبال القبلة بالغائط والبول نهيًا عامًا، واستقبلَ بيت المقدس مستدبرًا الكعبة، كان إباحةُ ذلك في المنازل مخصوص من جملة النهي/ الأوسط لابن المنذر - الطهارة - باب ذكر النهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول 1/ 328.
(¬1) ليست بالأصل، وأثبتها لوجودها في المصادر التي نقلت قول أحمد، والآتي الإحالة عليها.
(¬2) روى ذلك عنه الأثرم ضمن حواره السابق ذكره وشرحه ص 673، 674 ت وانظر نصب الراية - الصلاة الحديث 99 توابعه 2/ 106 وما فيه مطابق للنص هنا، وذكره أيضًا ابن رجب في شرح العلل 1/ 311، 312، وكذا ابن عبد البر مع اختصار/ التمهيد 1/ 309، والمَخرَج: هو الموضع الذي خرج =

الصفحة 684