كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
جائز ممكن، قد ثبت سماعه من أبي هريرة وغيره من الصحابة [رضي الله عنهم] (¬1) وقال ابن أبي حاتم: سألتُ أبي عن حديث
¬__________
= عائشة وُجدَت دلالة بينة، وهي إنكار الإمام أحمد لثبوت السماع وتخطئة الرواية المثبتة لذلك، وترجيح خلافها، كما تقدم بيانه، وقول أحمد: عِراك بن مالك من أين سمع عائشة، ما له ولعائشة؟، إنما يَرْوي عن عروة ... الخ/ المراسيل لابن أبي حاتم/ 163 وتقدم أنه وافق أحمدَ غيرُه، ومما يدل على أن مثل قول أحمد هذا يعتبر عند مسلم من الدلالة البينة على نفي السماع، اعتمادُه لمثله في كتابه التمييز، حيث أعَلَّ حديث ميمون بن مهران عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وَقَّت لأهل المشرِق ذات عِرْق فقال: إن ميمون لم يسمعه من ابن عمر/ التمييز، لمسلم بتحقيق د. الأعظمي/ 215.
وميمون ثقة فقيه، كبير القَدْر، وقد وُلد سنة 40 هـ وابن عمر توفي سنة 74 هـ، فالإدراك والتعاصر وإمكان اللقاء كل ذلك متوفر،/ انظر الكاشف 2/ 112، 3/ 193، ومع هذا نفي مسلم سماعه للحديث المذكور من ابن عمر، في حين أن الإمام أحمد استبعد رواية ميمون عن ابن عمر من الإرسال الذي وصف به في روايته عن بعض من روى عنهم كحكيم بن حزام وغيره، وأقر ابن أبي حاتم قول أحمد/ المراسيل/ 206، 207 وعليه فحديث عِراك المذكور عن عائشة لا يلزم أن يكون محمولًا عنده على الاتصال حتى على قاعدته.
وقد قدَّمتُ أن رواية مسلم لحديث المسكينة المذكور من طريق عِراك عن عائشة لا يفيد اتصاله عنده، لأنه لم يصرح فيه بما يدل على الاتصال من جهة، ومن جهة ثانية أنه أخرجه متابعة لرواية قبله متصلة: عن عروة عن عائشة، فهي المُعوَّل عليها.
(¬1) من الغرر التي نقل المؤلف عنها، فما كان له -رحمه الله- حَذْفُها وهذا آخر كلام الرشيد العطار في الجواب عن إخراج مسلم لحديث عراك المذكور عن عائشة، وقد بينت من قبل أنه لو أجاب الرشيد بما ذكَرْتُ من كون مسلم أخرج الحديث متابعة، فلا ينتقد به، لكان جوابًا أقوى من جوابِه هذا بإمكان الاتصال، الذي عُورِض بما هو أرجح منه، وهو الانقطاع كما تقدم.