كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
على هذه الصورة، لا يتنافى، لكن فيما ذكرته، من كونه حسنًا، أنه من رواية محمد بن إسحاق (¬1) وليس التحسين من عمل الترمذي، في أحاديث ابن إسحاق مطردًا؛ فإنه تارة يصححها (¬2)، وتارة يحسنها (¬3)، فيحتاج إلى التنبيه على ما صححه منها في مواضعه، لم كان صحيحًا؟ وعلى ما حسنه في موضعه، وهو أولى بالتنبيه، ما الذي قصر به عن التصحيح؟ وهو ربما صحح حديثه في غير ذلك الموضع.
فنقول: هنا قد حصل فيه، مع رواية ابن إسحاق، تفرُّد أبان بن صالح به، الذي كان لأجله غريبًا، كما ذكر أبو عيسى، وقد تبيَّن مِن حال أبان: أن أقصى ما يتفرد به، أنه يكون حسنًا - على ما سبق بيانه، فانضم إلى رواية ابن إسحاق مِن تَفرُّد أبان، ما قصر به عن الصحة، وفيه
¬__________
(¬1) هذه إشارة ثانية من المؤلف لما قرره قبل قليل، من أن محمد بن إسحاق حسن الحديث مطلقًا، وبالتالي كان حديثه هذا حسنًا، لكنه سيأتي بعد قليل تقريره أنه ليس وجود ابن إسحاق في السند هو السبب الوحيد لتحسين هذا الحديث، ولكن لانضمام سبب آخر معه وهو أن شيخ ابن إسحاق قد انفرد به، وغاية ما ينفرد به أن يكون حسنًا، إلا أن هذا السبب الذي ذكره يعتبر وحده كافيًا في تحسين الحديث ولو لم يوجد معه سبب غيره، ومن ثم سنناقش عبارته في ذلك عند موضعها الآتي إن شاء الله.
(¬2) وأوَّل ما صححه له في هذا الجامع حديث زيد بن خالد: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، وسيأتي ذكر أمثلة أخرى في التعليق التالي لهذا.
(¬3) اقتصر المؤلف هنا على ذكر التصحيح والتحسين، ولكنه قد زاد فيما بعد في موضعين آتيين قسمًا ثالثًا وهو ما سكت الترمذي عنه، وذكر أمثلة له، وزاد =