كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= المقيدة، ومن ثم الجمع بينها وبين التوثيق المطلق، وذلك في تقديري هو الأولى بالاعتماد، كما سيأتي، ولكن المؤلف بعد تصريحه في هذا الباب بتحسين حديثه، كما مر، أشار في شرح الباب نفسه وفيما بعده بأبواب، وهو باب السواك، الى أن الأصل تصحيح حديثه، ثم اتبع الإشارة بتصريحه بتصحيح حديثه مطلقًا، وقد أدى به هذا الى تكلف في رد بعض الانتقاد المفسر الموجه لابن اسحق وإلى مخالفته لما قرره بنفسه فيما تقدم من هذا الشرح فضلًا عن غيره، فمن ذلك ما تقدم ذكره من سكوته عن قول ابن منده: ان ابن إسحق أخرج له مسلم، وعدم تنبيهه على أن رواية مسلم له استشهادًا لا احتجاجًا، مع تعقبه للمقدسي في مثل ذلك كما مر في الأصل قريبًا، وسيأتي بقية ما أشرت إليه، خلال عرضي لمجمل الأقوال في ابن إسحق، ومحاولة تحقيق الأمر فيها بمشيئة الله.
فبمراجعة كتب الرجال نجد وصف ابن إسحق بأعلا مراتب التوثيق، حيث وصفه يزيد بن هارون وسفيان بن عيينة وشعبة بأنه: أمير المؤمنين في الحديث/ الثقات لابن حبان 7/ 383، والمدخل إلى معرفة الصحيحين للحاكم 2/ 559، وستأتي لسفيان بعض الأقوال الأخرى أيضًا، بعضها في دفع تهمة الكذب عنه، وبعضها في شأن اتهامه ببدعة القدرية، وكذا سيأتي لشعبة أقوال بتوثيقه. ويبدو أن يزيد بن هارون استمر على توثيقه العالي لابن إسحق حيث روى الخطيب بسنده عن زكريا بن يحيى قال: حُدثت عن مفضل (الغلابي) أنه حضر يزيد بن هارون سنة 193 هـ بالمدينة يحدث بالبقيع وعنده ناس من أهل المدينة يسمعون منه شيئًا بأَخرَة، حتى حدثهم عن محمد بن إسحق فأمسكوا، وقالوا: لا تحدثنا عنه، نحن أعلم به، فذهب يزيد يحاولهم فلم يقبلوا، فأمسك يزيد/ الخطيب 1/ 226، أقول وقد توفي يزيد في غرة ربيع الآخر سنة 206 هـ تهذيب التهذيب 11/ 368، وقال أبو معاوية -محمد بن حازم- كان ابن إسحق من أحفظ الناس، وكان إذا كان عند الرجل خمسة أحاديث أو أكثر، جاء فاستودعها محمدَ بن اسحق، وقال: احفظها علَيَّ، فإن نسيتُها كنتَ قد حفظتَها عَليّ/ الخطيب 1/ 220، وذكر الحاكم عن البوشنجي أنه قال في ابن إسحق: هو عندنا ثقة ثقة/ تهذيب التهذيب 9/ 46، وقال الطبري: كان من أهل العلم بالمغازي، =

الصفحة 709