كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= من مروياته في السيرة وغيرها كما سيأتي، وكذلك ذكره للمقاطيع المنكرة وما في سنده مبهم، طالما ساق سنده به، بحيث يتبين ذلك للناظر فيه، كما لاحظته بالاطلاع على السيرة/ ص 85، 86، 126، فلا مطعن بذلك في توثيقه، وما يعد من ذلك منكرًا فلعل مرجع نكارته إلى سعة مرويات ابن إسحق، بحيث نفرد بما لم يوجد عند غيره من الروايات والشيوخ فقد قال البخاري: محمد بن إسحق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها لا يشاركه فيها أحد/ السير 7/ 43 وقال ابن يونس: إن ابن إسحق قدم الاسكندرية سنة 115 هـ، وروى عن جماعة من أهل مصر، منهم عبيد الله بن المغيرة وذكر خمسة آخرين، ثم قال: روى عنهم أحاديث لم يروها عنهم غيره فيما علمت/ السير 7/ 47، 48، وبهذا لا يطعن عليه بتلك الغرائب، وُيقبل منها ما لم يُخالِف فيه من هو أوثق منه. كما أنه لم يلزم نفسه في سيرته ومغازيه بذكر المحتج به فقط، ثم إن ما لا يتضمن حكمًا من أخبار الغازي والسير، قد يُتَسامح فيه برواية المراسيل وما في إسناده ضعيف بغير تهمة الكذب وغلبة الوهم، كما نبه على ذلك البيهقي في تأليفه فيها/ انظر دلائل النبوة للبيهقي 1/ 34 , 40 بتحقيق د. القلعجي، ولكن هذا التسامح في القبول لا يرفع وصف الضعف عما عنده في السيرة من تلك الروايات ونحوها، وما عداها يكون مقبولًا ومحتجًا به.
وبهذا كله يتجلى لنا أنَّ واقع ما ألَّفه ابن إسحق في المغازي والسيرة، ينفي تهمة الكذب عنه، ويؤيد ذلك ما سيأتي من شهادات النقاد بعد، وأما باقي الأقوال المختلفة في سيرة ابن إسحق قبولًا وردًا بغير تهمة الكذب، فيمكن الجمع بينها، بأن الأقوال بالقبول أو الثناء المطلق تُقيد بغير المنتقد بعلة قادحة، سواء كان مرجعها إلى من روى عنهم ابن إسحق، أو إلى وهم ابن إسحق أو تدليسه أو شذوذه، ومما يؤيد هذا أن الإمام الذهبي مع انتقاده المتقدم لبعض مشتملات السيرة، أشاد بعلم ابن إسحق وتبحره في السيرة والمغازي فقرر أنه كان في ذلك بحرًا، وعلامة/ تذكرة الحفاظ 1/ 173 والسير 7/ 37.
وعلى هذا التقييد بغير المنتقد، تحمل شهادات المتقدمين والمتأخرين بإمامة =