كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= سفيان في رده هذا على الخبرة الطويلة بابن إسحق خلال نحو سبعين سنة عرف فيها باطن حاله مع ظاهره، وعرف فيها صدقه في مروياته ولاسيما ما قد يبدو لغيره أنه معلول، فالمثال الذي ذكره يفيد أن ابن إسحق سمع أحاديث من سفيان، وسفيان يرويها عن يزيد بن خصيفة، حيث إنه من شيوخه، فابن إسحق بعد أن سمعها من سفيان أراد سماعها من شيخه ابن خصيفة طلبًا لعلو السند، فتصير تلك الأحاديث، يمكن لابن إسحق التحديث بها عن سفيان عن ابن خصيفة، وعن ابن خصيفة مباشرة، وكلاهما ثابتان له، إلا أن من لم يعلم ذلك، حين يجد ابن إسحق يحدث بتلك الأحاديث مرة عن سفيان، ومرة عن شيخه ابن خصيفة مباشرة، يظنه في الحالة الثانية قد دلس إذا عنعن أو يتهمه بدعوى سماعه ما لم يسمعه من ابن خصيفة، إذا صرح في روايته عنه بالتحديث. والواقع أنه صادق في حالتي الرواية عن ابن خصيفة مباشرة، وبالواسطة، وسيأتي شهادة غير سفيان له بالصدق في مثل ذلك.
وهذا الرد المبني على الخيرة من سفيان بحال ابن إسحق وبمروياته، يؤيد رد ابن المديني أيضًا لتكذيب مالك لابن اسحق؛ فقد سئل ابن المديني عن ابن إسحق، فصحح حديثه كما سيأتي ذِكْرُه، فقيل له، فكلام مالك فيه؟ فقال: مالك لم يجالسه، ولم يعرفه، ثم قال: أي شيء حدّث بالمدينة؟ / تاريخ بغداد 1/ 229 والميزان 3/ 475، وتهذيب التهذيب 9/ 42، 43، وذلك لأنه خرج قديمًا من المدينة كما تقدم، وبذلك كان تحديثه بها قليلًا، وبناء على ذلك رد ابن المديني تكذيب مالك له بأن مالكًا لم يخبر حاله، ولا مروياته، وفي هذا أيضًا رد على قول الدارقطني الآتي: بأن مالكًا أخبر بابن إسحق، ثم إن ابن المديني أيد صدق ابن إسحق بواقع مروياته فقال: إن حديث محمد بن إسحق ليتبين فيه الصدق، يروى مرة حدثني أبو الزناد، ومرة ذكر أبو الزناد، وروى عن رجل عمن سمع منه، يقول: حدثني سفيان بن سعيد عن سالم أبي النضر عن عمر "صوم يوم عرفة"، وهو من أروى الناس عن أبي النضر، ويقول: حدثني الحسن بن دينار عن أيوب عن عمرو بن شعيب "في سلف وبيع" وهو من أروى الناس عن عمرو بن =

الصفحة 731