كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= له، كما يتضح أن نقد كل منهما للآخر كان رد فعل لنقد متبادل بينهما، وجفوة ناتجة عن ذلك، وقد قرر أئمة النقد عدم قبول مثل هذا النقد من أحد الطرفين في الآخر، إلا بحجة ثابتة قادحة، وهذا ما لم يتوفر لنقد أي منهما للآخر.
فطعن ابن إسحق في نسب مالك أو في موطئه لم يقبل منه لعدم تقديمه برهانًا يثبت صحة قوله، وكذلك تكذيب مالك لابن إسحق لم يقدم عليه دليلًا صحيحًا في مواجهة الأدلة المتوافرة على صدقه وعدالته في الرواية من غير واحد من النقاد كما تقدم وفي جواب البخاري عن ابن إسحق ما يتضمن ذلك أيضًا حيث قال: والذي يُذكر عن مالك في ابن إسحق لا يكاد يتبين/ القراءة خلف الإمام للبخاري/ 36 والسير 7/ 39، يعني أنه جرح غير مُبين السبب ولا مقترنًا بحجة بينة، ثم تنزل البخاري في الرد فقال: ولو صح عن مالك تناولُه من ابن إسحق، فلربما تكلم الإنسان فيرْمِي صاحبه بشيء واحد، ولا يتهمه في الأمور كُلِّها/ المصدرين السابقين، ثم أشار إلى هذا الشيء الواحد بالنسبة لابن إسحق، وعدم قدحه في روايته حيث يقول: ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس فيهم ... وتناوُلِ بعضهم في العرض والنفس، ولم يَلْتفِتْ أهلُ العلم في هذا النحو إلا ببيان وحجة، ولم تسقط عدالتهم إلا ببرهان ثابت وحجة/ القراءة خلف الإمام للبخاري 36، 37 وللبيهقي 59 , 60، والسير 7/ 39، 40 وشرح العلل لابن رجب 2/ 781.
وقد علق الذهبي على كلام البخاري هذا بقوله: لسنا ندعى في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر، ولا من الكلام بنفَس حاد فيمن بينهم وبينهم شحناء وِإحْنَة، وقد عُلِم أن كثيرًا من كلام الأقران بَعضِهم في بعض مُهدَر لا عبرة به، ولاسيما إذا وَثق الرجلَ جماعة يلوح على قولهم الإنصاف، وهذان الرجلان كل منهما قد نال من صاحبه، لكن أثر كلام مالك في محمد بعضَ اللِّين، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة، وارتفع مالك وصار كالنجم، والآخرَ فله ارتفاع بحسبه، ولا سيما في السير، وأما في أَحادِيث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رُتْبة الصحة إلى رُتبة الحُسْن، إلا فيما شذ فيه، فإنه يُعد منكرًا، هذا الذي =

الصفحة 734