كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= اليهود، وكان (بينهما) ما يكون بين الناس -يعني من الجفوة- حتى عزم محمد بن إسحق على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذ، وأعطاه مالك عند الوداع خمسين دينارًا، نِصفَ ثمرته تلك السَّنَة/ الثقات لابن حبان 7/ 381، 382 وعيون الأثر 1/ 16.
أقول: وهذا يؤكد ما تقدم من أن نقد كل من الرجلين للآخر كان متأثرًا برد فعل النقد المتبادل، وحصول الجفوة بينهما. وقد أسلفت التنبيه على أن قول ابن حبان هذا: بأن نقد مالك لابن إسحق كان مرة واحدة قبل خروج ابن إسحق للعراق، وأنهما تصالحا قبل الخروج ورجع مالك عن نقده، كل ذلك يعكر عليه ما تقدم من الروايات الوثيقة عن ابن إدريس والتي تفيد صراحة أن طعن ابن إسحق في علم مالك، وتكذيب مالك لابن إسحق قد تعدد، ووقع من كل منهما بعد خروج ابن إسحق من المدينة إلى العراق، بل ربما تكرر كلام مالك في ابن إسحق بعد وفاته كما مر، وبذلك يكون في قول ابن حبان هذا نظر، ولم أجد من نبه إلى ذلك، بل إن المؤلف نقل جواب ابن حبان المذكور بطوله، وتبنَّاه، فذكر أنه يعرب عما في ضميره هو/ عيون الأثر 1/ 16، 17 ونقل ابن حجر منه عبارة أن "مالكًا تكلم في ابن إسحق مرة ثم عاد إلى ما يحب"/ تهذيب التهذيب 9/ 45 وأقرها. أما قول مالك: إن ابنَ إسحق يروي عن اليهود، فقد أجاب ابن حبان عنه بجواب مقبول حيث يقول: ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث -يعني عمومًا- إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أولاد اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة خيبر، وقريظة والنضير وما أشبهها من الغزوات، عن أسلافهم، وكان ابن إسحق يتبع هذا عنهم ليعلم، من غير أن يحتج بهم، وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن متقن صدوق فاضل، يحسن ما يروي ويدري ما يحدث/ الثقات 7/ 383.
أقول: وما ذكر عن مالك وغيره أنه كان لا يرى الرواية إلا عن ثقة، فهو على الغالب من فعلهم والأكثر من عملهم فقط، كما قرر ذلك أبو عبد الله محمد بن عبد الهادي/ الصارم المُنْكِي، له/ 40، 41 ط دار الإفتاء السعودية. =