كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= وقد انتقد ابن إسحق أيضًا بالرواية عن أهل الكتاب غير مالك، فقد قال يحيى القطان: والعجب من رجل -يعني ابن اسحق- يحدث عن أهل الكتاب، ورَغِب عن شرحبيل بن سعد/ العقيلي 4/ 25، والميزان 3/ 470 والسير 7/ 52 وفيه أن القائل الفلاس، فلعله سقط منه: "قال يحيى" بعد "قال الفلاس"، لأن الفلاس هو الراوي لهذا القول عن القطان. وقال ابن أبي حازم: وكان يحمل عن اليهود والنصاري ويسميهم في كتبه: أهل العلم الأول/ معجم الأدباء لياقوت 18/ 8. وقال محمد بن اسماعيل بن أبي فُديك: رأيت محمد بن إسحق يكتب عن رجل من أهل الكتاب/ العقيلي 4/ 27 وسيأتي انتقاد ابن المديني له أيضًا بالرواية عن أهل الكتاب، وروى أبو داود الطيالسي عن بعض أصحابه قال: سمعت محمد بن إسحق يقول: حدثني الثقة، فقيل له: من؟ فقال: بعقوب اليهودي/ الكامل 6/ 218 والميزان 3/ 471، وقد روى أبو زرعة الرازي هذا بسنده عن الطيالسي به، وأقره/ سؤالات البرذعي للرازي مع الضعفاء له 2/ 589.
أقول وسند الطيالسي هذا ضعيف، لجهالة الراوي الذي حدث عنه أبو داود بهذا الخبر، ولو ثبت لكان من غير المتصوَّر أن يقصد ابن إسحق بالتوثيق لليهودي، معناه الاصطلاحي الجامع للعدالة والضبط، بل يكون المقصود الإشارة إلى ضبطه وحفظه لما يرويه من أحداث المغازي كما تقدم في جواب ابن حبان، كما أن الذهبي عقب على قول ابن أبي فُديك السابق بما يصلح جوابًا عن مثله فقال: ما المانع من رواية الإسرائيليات عن أهل الكتاب؟ مع قوله -صلى الله عليه وسلم- حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وقال: إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فهذا إذْن نبوي في جوازِ سماع ما يَأثِرونه في الجملة، كما سُمع منهم ما ينقلونه من الطب، ولا حجة في شيء من ذلك، إنما الحجة في الكتاب والسنة/ الميزان 3/ 470 وقال في السير أيضًا تعقيبًا على نفس القول: هذا يُشَنع به على ابن إسحق، ولا ريب أنه حمل ألوانًا عن أهل الذمة مترخصًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج/ السير 7/ 53. =