كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= أقول: وهذه الأقوال يمكن الجواب عن أولها بأنه لا يلزم من التأليف في المغازي وروايتها التشيع، وأما ثانيها وهو الاتصال بعبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب والرواية عنه، وهو أحد أعيان أهل البيت، وتوفي سجينًا سنة 145 هـ، البداية والنهاية 10/ 95، 96، 110، فلا يقدح ذلك في ابن إسحق طالما أن ما يرويه عنه ينسبه إليه صراحة، وبذلك يبرأ من عهدته، وقد وجدت في القطعة المحققة من سيرة ابن إسحق، رواية ابن إسحق عن عبد الله بن حسن، ورواية عبد الله عنه أيضًا ص 114 بتحقيق د. محمد حميد الله. وأما ثالث الأقوال وهو قول القطان: إن ابن إسحق كان ممن يقدم عليًا على عثمان، فلم أجد من وافق القطان عليه، وعلى كل فإنه يجاب عنه وعن غيره مما رُمي به ابن إسحق من البدع، بأنها لو ثبتت فلا تقدح في روايته، وإن خدشت العدالة، وذلك لأنها بدع صغرى، ولم نجد من وصفه بالدعوة إليها أو الغلو فيها، أو استحلال الكذب لتأييدها، وممن قرر قبول رواية من هذا شأنه الجوزجاني الذي تقدم قوله في ابن إسحق: إنه كان يرمي بغير نوع من البدع، ولكن الناس يشتهون حديثه/ انظر أحوال الرجال للجوزجاني ص 32، 82، 136، وقد أخرج له أبو داود في سننه في غير موضع، مع ما تقدم من نسبته له إلى القدر والاعتزال.
أما أشد ما انتُقِد به ابن إسحق في عدالته فهو ما حكاه ابن عدي، أنه حضر مجلس شيخه جعفر بن محمد الفريابي، فسئل عن حديث لمحمد بن إسحق، فكان يأبي إجابتهم، قال ابن عدي: فلما كرروا عليه قال: محمد بن إسحق -فذكر كلمة شنيعة- فقال: زِنْديق/ الكامل 6/ 2117، أقول: ووصف ابن عدي لتلك الكلمة في حق ابن إسحق بأنها شنيعة، دليل على رفضه الشديد لها، وهو محق في ذلك، لأن الزنديق، من يؤمن بالزندقة، وهي القول بأزلية العالم، وتطلق على الزردشتية وغيرهم من الثنوية وأهل الضلال والإلحاد/ المعجم الوسيط، مادة "زندق" 1/ 403 وعلى الجهمية أيضًا/ خلق أفعال العباد للبخاري/ 31، ولم يثبت عن ابن إسحق ما يذهب بعدالته ودينه، وذلك بشهادة من تقدم ذكر أقوالهم، ومن سيأتون من أئمة النقاد بما فيهم من عاشروه طويلًا، =