كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التحريش بين البهائم، وقال الترمذي: حسن صحيح - الجهاد - باب ما جاء في كراهية التحريش بين البهائم والضرب والوسم 3/ 126، وقد قال العراقي في شرح الحديث: إنه يدخل في ذلك مناطحة الثيران والكبوش، ومنافرة الديوك، ونحو ذلك، وذكر المناوي أن النهي الوارد في الحديث بعضهم حمله على التحريم وبعضهم على الكراهة/ فيض القدير شرح الجامع الصغير 6/ 303 والتيسر على الجامع الصغير 2/ 466.
أقول: وطالما أن تلك الأمور قد اختلف في حكمها على هذا النحو، فإن الجزم بالقدح في عدالة ابن إسحق بموجبها غير مُسلَّم.
أما مصاحبته للولاة والحكام، فقد أشار إليه ابن سعد بقوله: إنه كان مع العباس ابن محمد بالجزيرة، وأتى أبا جعفر -يعني المنصور- بالحيرة، فكتب له المغازي/ القسم المحقق من طبقات ابن سعد/ 400 وتاريخ بغداد 1/ 220، 221 وسير النبلاء 7/ 48، وتقدم أنه لما تكلم في مالك كان بالري في مجلس أبي عبيد الله، وزير المهدي/ وانظر السير 7/ 50، وقال ابن حميد: أنه قدم الري مع المهدي/ الكامل 6/ 2118، وقد أجاب ابن إسحق بنفسه عن اتصاله بالولاة ومصاحبته لهم، كما أجاب عنه غيره، فقد أخرج ابن عدي بسنده عن يحيى بن هانيء قال: كان محمد بن إسحق قد ضاق، واشتدت حاله، فَكُتِب إليه أن يُحمل إلى العراق، فلما أراد الخروج قال له داود بن خالد -وهو أحد أصحابه- إني لأحسب أن السفرة غدا خسيسة يا أبا عبد الله، قال: والله ما أخلاقنا بخسيسة، وربما قصر الدهر باع الكريم/ الكامل 6/ 2118، وقال ابن عدي: ولو لم يكن لابن إسحق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن كتب لا يحصل منها شيء، فصرف انشغالهم، حتى اشتغلوا بمغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومبتدأ الخلق، ومبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذه فضيلة لابن إسحق، سبق بها، ثم مِنْ بعده صنفه قوم آخرون، ولم يبلغوا مبلغ ابن إسحق فيه/ الكامل 6/ 2125 والسير 7/ 48.
أقول: فمن الرواية الأولى يتضح أن الرجل مع احتياجه وضيق حاله لم يسع إلى الحكام ابتداء، ولكنه طُلِب إليه ذلك فأجاب، ويفهم من كلام ابن عدي أن =

الصفحة 748