كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= صلته بالحكام أثمرت تحويلهم إلى العلم المفيد، وبذلك لا يُقدَح فيه باتصاله بالولاة والحكام ومصاحبته لهم.
ومما انتقد به أيضًا ما رواه المرزُباني بسنده عن الواقدي قال: كان محمد بن إسحق يجلس قريبًا من النساء في مؤخر المسجد، فيروي عنه أنه كان يسامر النساء، فرُفع إلى هشام، وهو أمير المدينة، وكانت له -يعني ابن إسحق- شعرة حسنة، فرقق رأسه، وضربه أسواطًا، ونهاه عن الجلوس هنالك، وكان حَسن الوجه/ معجم الأدباء لياقوت 18/ 5، وذكر ابن النديم تلك الرواية أيضًا مع تصرف، وصدَّرها بعبارة "يُحكى" ولكنه ذكر فيها: "يُغازِل النساء" بدل: "يُسامر النساء" / الفهرست لابن النديم/ 136.
وعلى كل حال فتلك الواقعة مردودة سندًا ومتنًا، فهي من رواية الواقدي، وهو متروك أو ضعيف مع سعة علمه/ التقريب/ 498 وتهذيب التهذيب 9/ 363 - 368، ومن ناحية متنها فهو مخالف للواقع التاريخي، فإن ابن إسحق قد ولد سنة 80 هـ / السير 7/ 34، وهشام هذا هو ابن إسماعيل المخزومي، وقد تولى إمرة المدينة -كما يقول ابن كثير- نحوًا من أربع سنين، وعزله عنها الوليد بن عبد الملك في أوائل سنة 87 هـ وولي عليها عمر بن عبد العزيز، فدخلها في ربيع الأول من نفس السنة/ البداية والنهاية 9/ 78 حوادث سنة 87 هـ، ثم توفي هشام هذا بدمشق سنة 88 هـ/ المصدر السابق/، ومعنى ذلك أن ابن إسحق كان في السابعة من عمره، حين عُزل هشام هذا عن امرة المدينة، فكيف يتأتى منه هذا العمل، ويحاكم عليه شرعًا؟ نعم تقدم أن ابن هشام هذا وهو إبراهيم بن هشام المخزومي كان واليًا على الحرمين منذ سنة 105 هـ إلى سنة 114 هـ وأنه قد جلد ابن إسحق فيما نُسب إليه من بدعة القدر، وتقدم الجواب عن ذلك.
ومن النقد الموجه لابن إسحق أيضًا أنه كثير التدليس، وخصوصًا عن الضعفاء والمجاهيل، وبالتالي يكون ما دلسه مردودًا وإن لم يقدح في عدالته. فأبو حاتم الرازي لما سئل عن حديث ابن إسحق عن سليط عن أبي سعيد الخدري في بئر =