كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= 51، وعليه يكون المعتمد رد ما دلسه ابن إسحق، وإن لم يَقدح تدليسُه في عدالته.
لكن ابن سيد الناس لما تكلم عن تدليس ابن إسحق، ذكر ما تقدم من قول محمد بن عبد الله بن نُمير: إن ابن إسحق إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث، وقول أحمد: إنه كثير التدليس جدًّا، وأحسن حديثه عندي ما قال: أخبرَني وسمعتُ/ عيون الأثر 1/ 10، 12، ثم تصدى للجواب عن ذلك، فذكر أنه مما لا يوجب رد روايته، ولا يوقع فيها كبير وَهْن، وعلل ذلك بقوله: أما التدليس فمنه القادح في العدالة وغيره، ولا يُحمل ما وقع هاهنا -يعني في كلام يعقوب وأحمد الذي ذكره- من مطلق التدليس، على التدليس القيد بالقادح في العدالة/ عيون الأثر 1/ 13، ثم بين بنفسه القادح في العدالة بأنه: ما كان عن الضعفاء، مع العلم بحالهم وقصد إخفائهم لترويج الخبر، وذكر أن ذلك لم يوصف به ابن إسحق/ عيون الأثر 1/ 15 وفي صنيع المؤلف هذا مؤاخذتان:
أولاهما: إنه لم يستوعب ذكر ما اطلع عليه من الأقوال الهامة والمحررة في تدليس ابن إسحق، وبالتالي جاء جوابه قاصرًا، وذلك أنه قد اطلع على كلام ابن حبان في الثقات بشأن ابن إسحق، وعده معبرًا عما في نفسه هو، كما قدمت، ومع ذلك لم يذكر هنا قول ابن حبان الذي تقدم قريبًا، وهو: "أن ابن إسحق كان يدلس على الضعفاء، فوقع المناكير في روايته من قِبَل أولئك، فأما إذا بيّن السماع فيما يرويه فهو ثَبْت يحتج بروايته" فلو أنه ذكر أو راعى قول ابن حبان هذا ما وَسِعه أن يطلق القول: بأن تدليس ابن إسحق لا يوجب رد روايته ولا يُوقع فيها كبير وَهْن؛ وذلك لأن قول ابن حبان واضح في تقرير رد وتضعيف ما دلسه ابن إسحق، وإن لم يقدح ذلك في عدالته، ولا في توثيقه في غير ما دلسه.
والمؤاخذة الثانية: أنه قسم التدليس إلى قادح في العدالة وغير قادح، وأهمل تقسيمه من حيث: تأثيره في رد الرواية المدلّسة، أو عدم ردها، مع أن هذا هو المقصود الأصلي من بيان حال الراوي، وهو مؤثر في إطلاقه الحكم بتصحيح =

الصفحة 755