كتاب النفح الشذي في شرح جامع الترمذي (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= حديث ابن إسحق كما تقدم، كما أن ما تصدى للجواب عنه من كلام ابن نُمير وأحمد، مبني على التقسيم الثاني الذي أهمله، حيث جعل كل منهما رواية ابن إسحق المدلسة مردودة، ولم يجعلاها قادحة في عدالة شخصه ولا في توثيقه في غير ما دلَّسه.
وعلى هذا فإننا وإن كنا نُسلّم لابن سيد الناس أن تدليس ابن إسحق ليس قادحًا في عدالته، فلا نُسلم له أنه تدليس مطلق من القيود التي تقدح في روايته المدلسة وتوجب ردها، ولم يكن يَسوغ له في الجواب عن تدليس ابن إسحق أن يهمل ذلك.
وما قدمته من أقوال الأئمة يفيد أن ابن إسحق لم يوصف بالتدليس المطلق فقط، ولكن قُيِّد تدليسه بأمرين:
أحدهما: إنه يدلس عن الضعفاء، ومن هم شر حالا منهم، كأهل الكتاب.
وثانيهما: إن تدليسه كثير جدًّا، كما نقل ابن سيد الناس بنفسه ذلك عن أحمد، وكل واحد من هذين الأمرين قادح فيما يدلسه ابن إسحق، وموجب لرده، بالاتفاق كما تقدم عن العلائي وغيره، وانظر/ فتح المغيث للسخاوي 1/ 174، وهذا يعارض قول ابن سيد الناس: أن ابن إسحق وُصِف بمطلق التدليس، وقوله أيضًا: إن حديثه صحيح مطلقًا.
ويمكن أن يقال: إن ابن سيد الناس قصر جوابه على دفع التدليس القادح في عدالة ابن إسحق فقط، اعتمادًا على أن القدح فيما دلسه الثقة عن الضعيف -كما هي حاله- أمر متفق عليه، فلا يحتاج إلى بيان أو تنبيه. وأقول: إن هذا أمر وارد فعلًا، وكان يمكن حمل تصرف ابن سيد الناس عليه؛ لكني وجدته في التطبيق العملي يجري على خلاف ذلك، فيَعتبر عنعنة ابن إسحق غير مؤثرة في قبول ما عنعنه حيث إنه في حديث جابر في هذا الباب الذي نحن بصدد شرحه، قد رواه ابن إسحق عن أبان بالعنعنة، وقال عنه الترمذي: حسن غريب، فقرر المؤلف كما هو مذكور في الأصل ص 693، 695 - 697 أن الحديث حسن لذاته، ولم يعلق على عنعنة ابن إسحق بشيء، ومعنى ذلك أنه يرى تدليسه غير قادح في =

الصفحة 756