كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 1)

يقال: إنّ محمداً يقتل أصحابه)) فسمّاه صاحباً مع العلم بالنّفاق للملابسة الظّاهرة, مع أنّ النّفاق المعلوم يقتضي العداوة, ويمحو اسم الصّحبة في الحقيقة العرفية, فهذا الذي ذكرته من تسميته في هذا الحديث صاحباً يحتمل في اللّغة, وقد تقدّم أوّل الفصل هذا (¬1) , شاهده من القرآن العظيم في قوله تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} [الكهف:34]. وليس في الآية احتمال آخر.
وأمّا هذا الحديث فهو يحتمل احتمالاً آخر تركته استغناء بهذا الاحتمال, بشهادة القرآن له.
وممّا يدلّ على التّوسع الكثير في اسم الصّحبة: إطلاقها بين العقلاء والجمادات, كقوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} [يوسف:39] , ومثل تسمية ابن مسعود: ((صاحب السّواك)) (¬2) وصاحب:
¬_________
(¬1) (ص/115).
(¬2) في (ت) و ((العواصم)): ((السّواد)) وكلاهما صحيح.
فقد جاء وصف ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه صاحب (السّواك) في حديث أخرجه البخاري (الفتح): (7/ 114) من قول أبي الدرداء - رضي الله عنه -.
وجاء وصفه بأنّه صاحب (السّواد) في حديث أخرجه مسلم برقم (2169) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.
قال الإمام النووي -رحمه الله- في ((شرح مسلم)): (14/ 150): ((السّواد: بكسر السين المهملة, وبالدال, واتفق العلماء على أنّ المراد به السّرار -بكسر السين وبالراء المكررة- وهو السّر والمسارر, يقال: ساودت الرجل مساودة إذا ساررته ... وهو مأخوذ من إدناه سوادك من سواده عند المساررة, أي: شخصك من شخصه)) اهـ.
وانظر: ((الإصابة)): (2/ 369) , و ((السّير)): (1/ 469 - 470).

الصفحة 117