كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 1)
المشروع لكان عسيراً على كلّ واحد, وفي كلّ حال.
وقد نصّ الله تعالى على هذا المعنى فقال في الصلاة: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ} [البقرة:45] فدلّ على أنّ العسر والحرج لا يكون في أفعال الخير, وإنّما يكون في النُّفوس السُّوء, قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجعَل صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرِجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام:125] فمدار المشقّة التي في الطّاعات على الدّواعي والصّوارف, ولهذا ترى (¬1) قاطع الصّلاة يقوم نشيطاً إلى أعمال كثيرة أشق من الصّلاة.
وقد يكون العسر الموهوم في أعمال الخير من قساوة القلب, وكثرة الذنوب, وعدم الريّاضة وملازمة البطالة, ألا ترى إلى ما في قيام الليل وإحيائه بالعبادة (¬2) من المشقّة على النّفوس, وهو يسهل عليها سهره في كثير من الأحوال في العرسات والأسمار, والسّروات في الأسفار.
فإذا عرفت هذا فاعلم أن من الناس من يحصل له من شدّة الرّغبة في العلم وسائر الفضائل ما يسهّل عليه عسيرها, ويقرّب إليه بعيدها, فلا معنى لتعسير الأمر الشّرعي في نفسه, لأنّ ذلك يخالف كلام الله/ تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
واعلم أنّ من العقوق, لوم الخلي للمَشُوق, وفي هذا يقول
¬_________
(¬1) في هامش (أ) و (ي) إشارة إلى أنّ في بعض النسخ: ((تجد)) بدلاً من ((ترى)).
(¬2) في (س): ((بالعادة))!.
الصفحة 23
745