كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 1)
انظر إلى الإبل اللَّوا ... تي هُنّ أغلظ منك طَبعا
تُصغي إلى قول الحدا ... ة فَتَقطع الفلواتِ قَطعَا
فإيّاك والاستبعاد لكلّ ما عزّ عليك, والاستنكار لوجود ما خرج من يديك. طالب المعالي لا يعنو كمداً, ولا يهدأ أبداً. وكلّما قيل له قف تسترح جُزت المدى, قال: وهل نِلتُ المدى؟!.
الوجه الثاني: إفراط المعترض على أهل السنة وطلبة الحديث في تعسير معرفته حتّى قال: إنّ الأمر متعسّر أو متعذّر, وذلك يقتضي أنّه شاكّ في تعذّره غير قاطع بدخوله في حيّز الممكنات. وقد بيّنت (¬1) أن الاجتهاد من الفروض الدينية, والشّعائر الإسلامية, وأنّه رأس معارفه العزيزة, وعمود شرائطه الأكيدة, فيجب القطع بأنّه غير متعذّر؛ لأنّ المتعذّر غير مطاق, والاجتهاد وطلب الحديث مشروع واجب, فلو أوجبه الله وهو متعذّر لكان الله قد كلّفنا ما لا نطيقه, وهذا يستلزم القول بتكليف ما لا يطاق, وهو مردود عند جماهير أهل المذاهب كلهم, وأمّا المعتزلة والزيدية فعندهم أنّ تجويزه كفر وخروج من الملّة, إلا القليل منهم, فيقولون: تجويزه بدعة محرّمة ومعصية ظاهرة (¬2) , لا سيمّا ومذهب الزّيدية أنّه لا يجوز خلوّ الزّمان
¬_________
(¬1) في (ي) و (س): ((ثبت)).
(¬2) في مسألة التكليف بما لا يطاق تفصيل, ومقصود المؤلف هنا: (ما لا يطاق عادة).
انظر: ((الموافقات)): (2/ 119) , و ((شرح الكوكب)): (1/ 484) , و ((مجموع الفتاوي)): (8/ 294 - وغيرها) , و ((مذكرة الشنقيطي)): (ص/36).
الصفحة 26
745