كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 1)

عنه, ولم يحدّه عمر؛ لانكر ذلك الصّحابة -رضي الله عنهم- فكيف يقتحم المعترض هذه المهواة العظيمة, ونسي ما عظّم الله من شأنها, فإنّه تعالى لم يجعل إليها سبيلاً إلا بعد كمال نصاب الشّهادة, فقد كان الرّجل يأتي إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيقرّ بالزّنا, ويعترف بالفاحشة فيعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ويتطلّب له العذر بعد الإقرار, ويقول: لعلّك لمست, لعلّك قبّلت, حتّى لا يجد سبيلاً إلى الشّكّ ولا طريقاً إلى الاحتمال.
وهذا المعترض على أهل السّنّة عكس ما يلزم من الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورمى بالزّنا من غير ثبوته, ولا إقامة شهادة, ولا حكاية عن شاهد, مع نقصان نصاب الشّهادة, ودعوى المغيرة للبراءة بل للزّوجية كما يأتي.
الوهم الخامس: قال: ((فإن يعتد بشهادة هؤلاء في الجرح لا في الحدّ؛ فالمغيرة مجروح وإن لم يعتد بشهادتهم, فأبو بكرة قاذف وصاحباه, ولا يروي عن واحد منهم الرّواة)).
والجواب: أنّه توهّم أنّ الشّهادة على الزّنا إذا لم يتمّ نصابها كانت قذفاً, فلا يخلو إمّا أن يريد: أنّ ذلك على سبيل القطع أو الظّنّ, فإن قال على سبيل الظّنّ؛ فذلك مسلّم ولا يضرّ تسليمه, أمّا أنّه مسلّم؛ فلأنّ أدلّة المسألة ظنّيّة, وهي خلافية بين العلماء.
قال في: ((نهاية المجتهد)) (¬1): ((والشّهود عند مالك, وكذا عند الشّافعيّ إذا كانوا أقلّ من أربعة قذفة؛ وعند غيره (¬2) ليسوا قذفة,
¬_________
(¬1) (2/ 441) , والكتاب اسمه ((بداية المجتهد ونهاية المقتصد)).
(¬2) في (س) زيادة: ((هم)).

الصفحة 285