كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 2)

المحمل الخامس: أن يكون كثير من الأحاديث المنسوبة إلى الإمام أبي حنيفة ضعيفة من قبيل ما روى عنه, لا من جهته, ولا من جهة شيوخه ومن فوقهم, كما في كثير من الأحاديث المنسوبة إلى جعفر الصّادق, وكثير من الثّقات.
فقد روى الذّهبي في ((الميزان)) (¬1) عن الحافظ ابن حبّان (¬2): أنّ أبّا (¬3) بن جعفر وضع على أبي حنيفة أكثر من ثلاث مائة حديث, ما حدّث بها أبو حنيفة قطّ, رواه الذّهبي في ترجمة أبّا بن جعفر.
إذا عرفت هذا؛ فاعلم أنّ الإمام أبا حنيفة - رضي الله عنه - طلب العلم بعد أن أسنّ. وقد كان الحافظ المشهور بالعناية في هذا الشأن إذا كبر وأسنّ [تناقص] (¬4) حفظه, فلهذا لم يكن في الحفظ في أرفع المراتب, وكذلك غيره من الأئمة, فقد كان الإمام أحمد بن حنبل أوسع الأئمة الأربعة معرفة بالحديث وحفظاً له, ولم يكن ذلك عيباً فيهم ولا قدحاً في اجتهادهم, وقد كان حديث ابن المسيّب, ومحمّد بن سيرين, وإبرهيم النّخعي: أصحّ وأقوى من حديث عطاء,
¬_________
(¬1) انظر: ((السير)): (1/ 17).
(¬2) ((المجروحين)): (1/ 184 - 185).
(¬3) في (س) في الموضعين: ((أبان)) وهو خطأ.
وأبّا: بالتشديد, قال ابن ماكولا في ((الإكمال)): (1/ 8): ((ذكره الخطيب في باب, (أبا) بالتخفيف ... , ووهم في ذلك, وإنّما هو أبّا التشديد, أجمع على ذلك البصريون .. ووجدت ذلك مستفيضاً بالبصرة ... )) اهـ.
(¬4) في (أ): ((تناقظ)) وهو خطأ.

الصفحة 324