كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 2)

الذّوات الثّابتة في القدم صفة الوجود, وليس لله تعالى عندهم فعل إلا صفة الوجود, لكن صفة الوجود عندهم وسائر الصفات ليست بشيء, فحصل من هذا أنّ الله تعالى لم يخلق شيئاً قطّ, وإنّما يقال: إنه خالق كلّ شيء مجازاً. وقولهم: إنّ الله تعالى غير قادر على إعدام الألوان كلّها وكذلك الطّعوم فلا يقدر على قلب الأسود أغبر لأنّه إنّما يزيل الصّفة بواسطة طروء ضدّها عليه, وأنّ الله تعالى يريد بإرادة محدثة موجودة على حدّ (¬1) وجود عرض مستقل بنفسه غير حالّ في ذاته تعالى, ولا في غيره ولا داخل في العالم ولا خارج عنه, وأنّ أوّل الواجبات النّظر في الله, وأنّ النّظر فيه لا يتمّ إلا بالشّكّ فيه فوجب الشّكّ في الله تعالى, بل كان أوّل الواجبات, لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلا به يجب كوجوبه, بحيث يحصل الثّواب على الشّكّ في الله والعقاب على تركه, ويستمرّ وجوب الشّكّ في مهلة النّظر, ويقبح فيها تعظيم الله تعالى لأنّه عندهم في تلك الحال لا يؤمن أن لا يستحق التّعظيم, فتحرم فيها لذلك الصلوات, وسائر العبادات, تحلّ جميع المحرّمات الشّرعيّات (¬2) , ويجب فيها استحلال جميع الحرام, وترك جميع الواجب. وقولهم: إنّ جميع الواجبات وجبت لأنفسها, وجميع المحرّمات كذلك من غير إيجاب موجب, ولا تحريم محرّم, وأنّ الله تعالى غير مختار في التّحليل والتّحريم, وإنّما هو حاكٍ فقط, فالله تعالى عندهم -في ذلك-, والرّسول والمفتي سواء.
¬_________
(¬1) كذا في (أ) و (ي) و (ت) , وفي (س): ((حدة)).
(¬2) في (س): ((بالشرعيات)).

الصفحة 335