كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 2)

اكتساب /ذلك الفعل بهيئات مخصوصة, وإيقاعه على مقاصد متغايرة هي منشأ الحسن والقبح, والأمر والنّهي, والثّواب والعقاب, والذي اختصّت به المعتزلة دون القاضي [أبي] بكر أنّها قالت: إن قدرة العبد تؤثّر في صفة وجود فعله وفي سائر صفاته, والقاضي قال: تؤثّر في صفة الحسن والقبح دون صفة الوجود, لكن المعتزلة تقول: إنّ صفة الوجود ليست منشأ الحسن والقبح, والأمر والنّهي, وإنّما منشأها صفة الحسن والقبح الذي ذكر القاضي أنّها من آثار قدرة العبد, فثبت أنّهم قد اتفقوا في موضع يوجب الاتفاق فيه ترك التأثيم, فتفهّم ذلك فهو سرّ المسألة.
الفرقة الثّالثة: من الأشعرية الذين قالوا: قدرة العبد تؤثّر [بمُعين] (¬1). قال الرّازيّ: ويشبه أن يكون هذا قول أبي إسحاق الإسفرايني, وهو أقرب إلى الاعتزال من الفرقة الأولى, لأنّهم قد أثبتوا لقدرة العبد أثراً في صفة الوجود, وإنّما ينكر المعتزلة من قول هؤلاء تجويز مقدور بين قادرين (¬2) , وقد جوّزه شيخ الاعتزال أبو الحسين البصري المتكلّم, وإذا اتّحد الفعل واختلف الفاعلان جاز أن يحسن من أحدهما لإيقاعه على وجه حسن, ويقبح من الآخر لإيقاعه على وجه قبيح, وقد بسطت ذلك في ((الأصل)) (¬3) ثمّ اختصرته هنا لوضوحه عند أهل التمّييز.
¬_________
(¬1) في (أ) و (ي): ((لمعنى)). والمثبت من (س).
(¬2) في (س): ((مقدورين لقادرين)).
(¬3) (7/ 12 - 47).

الصفحة 362