كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 2)

قال: ((إنّ الله خلق الخلق حتّى إذا فرغ منهم قامت الرّحم فقال: مه؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة)) الحديث, وهو دليل على أنّ الله تعالى قد خلق الخلق فيما مضى مرّة (¬1) أوّله, وهذا غير ممتنع في مقدور الله تعالى, وهو على كلّ شيء قدير.
وأمّا قوله تعالى في الآية: ((قالوا بلى)) [الأعراف/172] فلا يدلّ على إسلام جميع ذلك الخلق الأوّل لوجوه:
أحدها: ما ذكره ابن عبد البرّ (¬2) وغيره في تفسير قوله تعالى: ((وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً)) [آل عمران/83] , فإنّهم فسّروا إسلام أهل الأرض كلّهم بذلك وقالوا: إنّ أهل السّعادة قالوا ذلك عن معرفة له طوعاً, وأهل الشّقاوة قالوا ذلك كرهاً, وهذا وجه وجيه (¬3).
الوجه الثاني: أنّه يجوز أنّهم قالوا ذلك ثمّ عصوا بعد قوله.
الوجه الثالث: أنّه يجوز أن يكون القائل بذلك بعضهم, وتكون الآية من العامّ الذي أريد به الخاصّ, وتخصيص العموم بالسّنة جائز إجماعاً.
وأمّا قوله تعالى: ((من بني آدم)) [الأعراف/172] فيحتمل أنّه أخرج من صلب آدم أولاده لصلبه, ثمّ أخرج من صلب كلّ واحد منهم أولاده, على أن دلالة الأحاديث على المقصود لا
¬_________
(¬1) في (س): ((من))!.
(¬2) انظر ((التمهيد)): (18/ 85 - فما بعدها).
(¬3) في نسخة ((جيد)) كذا في هامش (أ) , وفي (س).

الصفحة 373