كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 2)
ابن عمر أنّ النّاس وهلوا في مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك فيما يتحدثونه بتلك الأحاديث نحو مئة سنة, وإنّما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد)) يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن, فهذا نصّ ابن عمر على أنّ النّاس وهلوا في ذلك, والوهل هنا: بمعنى الوهم في معنى كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الأثير في ((جامع الأصول)) (¬1): تقول: وهل إلى الشّيء إذا ذهب وهمه إليه: وقد يكون الوهل بمعنى الفزع, ولكنّه لا يلائم كلام ابن عمر ههنا, لقول ابن عمر في الرّدّ على من وهل: إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أراد إلا انخرام ذلك القرن, فدلّ على أنّهم وهموا أنّه أراد القيامة, كما قد جاءت أحاديث توهم ذلك, ولعلّها من رواية أولئك الذين وهموا (¬2) والله أعلم.
ومثل هذا إذا وقع نادر في بعض الأحاديث, لم يوجب التّشكيك في الرّجوع إلى الأحاديث الصّحيحة, فإنّ الثّقة لا يعصم من الخطأ. وفي ((الصّحيح)) (¬3): ((من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار)) فقيّد الوعيد بالتّعمّد, وأجمع العلماء على أنّ الثّقة لا يجرح بالخطأ إلا إذا كثر كما تقدّم تفصيله (¬4).
¬_________
(¬1) (3/ 52) , لكنها في شرح ((وهم)).
(¬2) راجع التعليق (ص/443).
(¬3) حديث متواتر, انظر: ((قطف الأزهار)) (ص/23) للسيوطي.
(¬4) (ص/47, 161).