كتاب الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (اسم الجزء: 1)

على من هو له مبغض (¬1) , وإن كانا مسلمين عدلين, فالإحنة على المسلم محرّمة, / وذو الإحنة مقبول على من ليس بينه وبينه إحنة؛ لأنّ مجرّد دخول الإحنة, ووجود بعض العداوة لا يمنع من العدالة, ولهذا قال الله تعالى في صفة أهل الجنّة: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِنْ غِلٍّ} [الأعراف:43] ولو كان صاحب الإحنة على أخيه مجروحاً في حقّ كلّ أحد, لم يكن لتخصيص ردّه إذا شهد على من يبغضه معنى.
الأثر الرابع: الحديث الصّحيح الذي فيه: ((قاربوا وسدّدوا وأبشروا, ولن يدخل الجنّة أحد إلا برحمة الله تعالى)) (¬2) ونحو ذلك.
وأما النّظر: فلأنّا إذا تركنا شهادة من هذه صفته من المسلمين, وطرحنا روايتهم وفتواهم ومصنّفاتهم, واعتبرنا في الشهادة قول بعض المتعنّتين في العدالة: إنّها الخروج من كلّ شبهة, ومحاسبة النّفس في كلّ لحظة, ونحو ذلك من التّشديدات تعطّلت المصالح والأحكام, وتضرّر جميع أهل الإسلام, واختلفت (¬3) الأحوال, وضاعت الحقوق
¬_________
(¬1) أخرج أحمد: (2/ 204) , وأبو داود: (4/ 24) , والدّارقطني: (4/ 243) وغيرهم, من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه, عن جده, أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة, ولا ذي غمر على أخيه ... )) الحديث.
قال الحافظ ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)): (2/ 420): ((إسناده جيّد)).
وقال الحافظ ابن حجر في ((التخليص)): (4/ 218): ((وسنده قوي)).
(¬2) أخرجه البخاري (الفتح): (1/ 116) من حديث أبي هريرة, ومسلم برقم (2816, 2817, 2818) من حديث جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم-.
(¬3) في هامش (ي) إشارة إلى أنه من نسخة: ((واختلت)) , وكذا في (س).

الصفحة 53